للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم منهزمون، فما وقفوا إلى الرَّمْلَة، وظنَّ جوهر أن هزيمةَ القرمطيّ مَكيدةٌ، فلم يتعرَّض لما كان في عسكره إلى ثلاثة أيام، حتى تحقَّق الخبر، فاستولى على الجميع.

ونادى جوهر في الإخشيدية فاجتمعوا، فعمل لهم طعامًا، وحلف لهم على المصافاة، ثم قبضهم وقيَّدهم وحبسهم، وكانوا ألفًا وثلاث مئة مقاتل.

وقال القرمطي في هذه الوَقعة: [من الكامل]

زعمت رجالُ الغَرْب أني هِبْتُها … فدمي إذًا ما بينهم مَطْلولُ

يا مِصرُ إن لم أَسْقِ أرضَك من دمٍ … يَروي ثَراك فلا سَقاني النِّيلُ (١)

وقال أيضًا: [من الخفيف]

زعموا أنني قصيرٌ لَعَمْري … ما تُكالُ الرّجال بالقُفْزانِ

إنما المَرْءُ باللسانِ وبالقلـ … ــبِ وهذا قلبي وهذا لساني

ثم عاد الهَجَريُّ إلى بلده، وتَفرَّقت الأعراب في البريَّة.

وفي جُمادى الآخرة اجتمعت الأتراك ببغداد، وتحالفوا على الاتّفاق والتَّعاضد، وفعلت الدَّيلَم بواسط مثل ذلك، وتجدَّدت منهم جُرأةٌ واستطالة لم يعهدوا فيه.

وقلّد أبو طاهر ابن الوزير أبي الفضل العباس بن الحسين وزارة أبي العباس سلار بن عز الدولة بختيار والنظر في أموره.

وفيها عاد الهَجَرِيُّ إلى الشام، فلما وصل الأردن انصرفت المغاربة إلى مصر، ونزل الهجري الرملة في آخر شعبان، وصرف عنه أهل البادية، وأقام في أصحابه الهجريين.

وفيها وقع الصُّلح بين منصور بن نوح صاحب خُراسان وبين ركن الدولة بن بُويه وولده عَضُد الدولة أبي شُجاع؛ بأن يحمل ركن الدولة إلى ابن نوح في كل سنة مئة ألف دينار، ويحمل عَضُد الدولة خمسين ألفًا.

وفيها وردت الأخبارُ أن بني هلال اعترضوا الحاجّ البصريين والذين جاؤوا من خُراسان، فنهبوهم، وقتلوا خلقًا كثيرًا، وبطل الحج، ولم يَسلم إلا مَن مضى من بغداد مع الشَّريف أبي أحمد الموسَوي (٢).


(١) تاريخ دمشق لابن القلانسي ٤، والكامل ٨/ ٦١٦.
(٢) من هنا إلى نهاية السنة ليس في (ف م م ١).