للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جملتها سبعة عشر ألف دُكَّان وثلاث مئة دكان، وثلاث مئة وعشرون دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألف دينارًا، واحترق ثلاثة وثلاثون مسجدًا.

والتقى رجلٌ من الصالحين الشّيرازي فقال له: أيها الوزير، قد أريتنا قُدرتَك، ونحن نُؤمِّل أن يُرينا الله قدرتَه فيك، فلم يُجبه بشيء لتفاقُم الأمر [وكان الشيرازي يميل إلى السنة، وما فعل ذلك إلا لينتقم من أهل الكَرْخ،] وكَثُر الدُّعاءُ عليه، فسخط عليه عزُّ الدولة، وسَلَّمه إلى الشريف أبي الحسن محمد بن عمر العَلَوي، فأنفذه إلى الكوفة، وعذَّبه بأنواع العذاب، وسقاه ذَراريح (١) فتَقَرَّحَت مَثانتُه، فمات في ذي الحجة [من هذه السنة.

وذكر غير ابن الصابئ] في حريق الكَرْخ وجهًا آخر [فقال:] (٢) لما أمر عزُّ الدولة سبكتكين الحاجب بأن يُنَفِّر الناس للغزاة، ونادى، وظهر ما ظهر من العُدَّة والسلاح؛ انقلب الأمر، فصار أهل بغداد قسمين سنة وشيعة، ثم إنهم وجدوا إلى القتال طريقًا بإشهار السلاح.

ويقال: إن سبكتكين فرَّق فيهم سلاحًا كثيرًا ليصل ذلك إلى الروم، فلما حملوا السلاح وقعت الفتنة، وأظهر كلُّ فريقٍ ما كان في نفسه، فدخل سبكتكين بينهم، فأرادوا قتلَه، فكتب إلى عز الدولة، فقدم بغداد ليُسَكِّن الفتنة، فزاد الأمرُ وتفاقم، واستولى العَيَّارون والشُّطَّار على بغداد، وكبسوا الدُّور، وتعرَّضوا للحريم، فألجأت الضَّرورةُ إلى أن رمى السُّلطان النارَ في الجانب الغربي من بغداد؛ لأن الفتنة كانت فيه أقوى، فرمى النار من حدّ بِرْكةِ زَلْزَل إلى عند السمَّاكين، فأحرق الكَرْخَ كلَّه، ومنع الناس من إطفائها، فأخذت يمينًا وشمالًا، فأحرقت ألوفًا من الناس والبهائم، وكان يومًا عظيمًا لم يَجْرِ في الإسلام مثلُه، وأعطى السلطان العَيَّارين الأمان، فسكنت الفتنة.

وفيها زُلزلت بلاد الشام، وهُدِمت الحصون، ووقع من أبراج أنطاكية عدَّة، ومات تحت الهَدْم خَلْقٌ كثير.


(١) هي السموم.
(٢) ما بين معكوفين من (ف م م ١)، بدله في (ب خ): فمات في ذي الحجة وقيل في حريق الكرخ وجهًا (كذا) آخر وهو أنه.