للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واتفق غيبة حمدان ببغداد، وجرت الأيمانُ بينهما على يد الشَّريف أبي أحمد الحسين بن موسى الموسَويّ.

وانحدر عزُّ الدولة إلى الحَديثة، ودخل أبو تغلب الموصل، وكَحَل جماعة من أهلها تصرَّفوا مع عز الدولة، وقتل رجلًا من بني عَقيل يُعرف بأبي العجاج وكان قد استأمن إلى عز الدولة، ووصل سبكتكين وابن بقية بالجيش إلى الخدمة، واجتمعوا بعزّ الدولة.

وعلم حَمدان بالصُّلح، فعزَّ عليه كونُه لم يدخل في الصُّلح، وأَنِفَ أبو طاهر بن بقية من انصراف عز الدولة على الحالة التي انصرف عليها، وجعلوا كَحْل الجماعة الذين كَحلهم أبو تغلب وقَتْلَ العُقيليّ سببًا للرجوع إلى الموصل، فعادوا.

وهرب أبو تغلب إلى تل أعْفَر، وبعث بأبي الحسن بن عمرو كاتبه (١) إلى عزّ الدولة يُعاتبه على النَّقْضِ والغَدْر، فقبض ابن بقية عليه، وأهانه، وأذلَّه، وأنكر عليه كحْلَ الجماعة وقتلَ العُقيليّ، فاعتذر بأن أبا تغلب لم يَعلم بشيء من ذلك، وأن بعضَ غلمانه فعله.

ثم تقرَّر الصُّلح على أن يُفرِج عن ضياع حَمْدان دون قلعة ماردين، وأن يُنفِذ إلى عز الدولة القوم الذين كحلوا العمال وقاتلَ العقيلي، فبعث بهم أبو تغلب إلى عز الدولة، فعفى عنهم لعلمه بأنهم لا صُنْعَ لهم في ذلك.

وعاد عز الدولة إلى بغداد، وبعث الخِلَع السُّلْطانية لأبي تغلب مع كاتبه علي بن عمر، ولُقِّب بعدَّة الدولة، وحُملت إليه ابنةُ عزِّ الدولة مع بدر الحرمي في رمضان (٢).

وفي شعبان توفي أبو الحسن محمد بن بقية أخو أبي طاهر، وكان أبو الحسن هو الأكبر، فمشى أخوه أبو طاهر في جنازته، وجلس للعزاء، وجاءه عزُّ الدولة معزِّيًا.

وفيها في شعبان خرج عز الدولة من بغداد إلى الأهواز، ووقعت فتنة الأتراك، ولحق أبو طاهر بن بقية به.


(١) سلف قريبًا أنه أبو الحسن علي بن عمر، وأنه في الكامل ٨/ ٦٣٤ أبو الحسن علي بن أبي عمرو، وفي تكملة الطبري ٤٣١ أبو الحسن بن عمرو، كما هنا.
(٢) من قوله في أول السنة: وأظهر الوزير أبو طاهر … إلى هنا ليس في (ف م م ١).