للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّظَرَ في الأمر فاعتزله، واستعفى منه، وسأل توفيره على ما هو أرْوَحُ له منه، فأُجيب إلى ذلك، وأن للخاصَّة والعامَّة عندنا كلَّ ما يَسُرُّ من حُسنِ السِّيرةِ والحِراسَةِ والصِّيانةِ والعَدْلِ وإزالةِ الظُّلْمِ والإحسان، وأخَذ جماعةً من العَيَّارين فقتلَهم وصَلَبهم في عدَّةِ مواضع، وهرب المفسدون.

ثم كتب عَضُد الدولة إلى أبيه في معنى عزِّ الدَّولة، وكتب عن الطَّائع كتابًا في هذا المعنى، وبعث بالكتابَين مع أبي الفتح ابن العَميد على الجَمَّازات (١)، فمن كتاب الطَّائع: قد عرفتَ أطال الله بقاءك ما انعقَدتْ به البيعةُ لأمير المؤمنين في أيام المطيع لله رحمة الله عليه، وما اكتنَفَه في تلك الحال من غَواشي فَسادِ جِهات، فأصبح أميرُ المؤمنين بينها مُشْتَرَك (٢) الرَّأي، مَغلوبًا على الاختيار، حتى استَنْقَذه الله بنَجْلِك الكريم، وسَليلك النَّجيبِ عَضُدِ الدولة، أدام الله به الإمتاعَ، فأخلَصَ في نُصْرةِ أمير المؤمنين نيَّتَه، وأرْهَف ليُثبِتَ أمرَه عَزيمتَه، وتَحَمَّل باستطاعته طاعتَه … إلى أن قال: ورأيُ أمير المؤمنين في عَضُد الدولة أن يُقيمَ بقُربِه، ولا يتغيَّر من دار السَّلام … وذكر فصولًا في هذا المعنى.

وأما كتاب عضد الدولة فمَضْمونُه: إن الأمورَ كانت قد اضطَرَبَتْ، وهَذَّبْتُ مَملكةَ العراق، وخاطَرْتُ بنفسي ومالي وجُندي، ورَدَدْتُ الخليفةَ إلى داره، وإن بختيار لا يُحسِنُ أن يُقيمَ دولةً، ومتى خرجتُ عن العراق اضطَرَبَت الممالك.

ثم إن عضد الدولة ساس الأمورَ، وبعث بالشَّريف أبي أحمد الموسَوي إلى أبي تَغْلب بإسقاطِ ما عليه من مال، وبعث كذلك إلى عمران بن شاهين وغيرهما.

وفيها قَدِمت أمُّ عزِّ الدولة من واسِط ومعها أولادُه وحُرَمُه، فخَيَّرها عَضُدُ الدولة بين أن يَجمع بينها وبين ولدها أو المُقام في دارها، فاختارت المقام عندهم، فأقامت، ونزل الحرم والأولاد في الدار الغربية، وأقام لهم الوظائف والرَّواتب.


(١) مراكب سريعة تتخذها الناس في المدن، شبه العجلة التي تجرها الخيل. المعجم الوسيط.
(٢) في (ب): مستنزل.