للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السادسة والستون وثلاث مئة]

فيها في المحرَّم تُوفِّي رُكنُ الدولة أبو علي الحسن بن بُوَيه [والدُ عَضُد الدولة]، ومرض أبو طاهر بن بَقيَّة مرضًا أشرف منه على الموت، ثم عوفي، فلو أراد الله به خيرًا لقبضه قبل المُثْلَة.

وأظهر عضد الدولة ما كان يُخفيه في قصد بغداد، وعلم عزُّ الدولة، فكاتب فخرَ الدولة بن بُوَيه، وأبا دُلَف سَهْلان، وأبا الفوارس صاحب الخيل، وصاحب البَطيحة، وأبا تَغْلب على أن يكونوا معه، ويساعدونه على عضد الدولة، وكلُّ ذلك بتدبير ابن بقية.

وفيها في ربيع الآخر قُبض على ذي الكِفايتين أبي الفتح علي بن محمد بن العميد بالرَّيِّ، وكان قد تَبسَّط التّبَسُّطَ الشديد في أيام رُكن الدولة، واستمال الدَّيلَم إلى نفسه، وكان في نفس عضد الدولة عليه؛ لأنه هو الذي بعثه إلى ركن الدولة بتلك الرسالة في كون عزِّ الدولة لا يَصلح للعراق، وعاد برسالة ركن الدولة ينهاه عن عزّ الدولة، فاتَّهمه في الأمر، وقَوَّى تُهَمَتَه أن عضد الدولة لما فارق بغداد إلى شِيراز أقام ابنُ العميد بها، فأعطاه عز الدولة من الأموال والخِلَع السُّلطانية وغيرها شيئًا كثيرًا، فكان عَضُد الدولة يقول لما خرج من بغداد: خرجتُ من بغداد وأنا زريق الشارب، وخرج ابن العميد وهو ذو الكفايتين أبو الفتح (١).

واتَّفق أن الصَّاحب إسماعيل بن عباد كان قريبًا من مؤيَّد الدولة بن ركن الدولة، فباعده ابنُ العميد، ووضع الدَّيلم على أن يطالبوا مؤيد الدولة بإبعاده عنه -وكان كاتِبَه- فأبعده إلى أصفهان، وكان ابن العميد إذا ركب إلى دار مؤيَّد الدولة مشى جميعُ الناس والدَّيلمُ بين يديه ومن خلفه، فإذا انصرف انصرفَ الكلُّ معه.

واتَّفق أيضًا أنه زايد عَضُدَ الدولة في جاريةٍ كان عضد الدولة يميل إليها، فاشتراها بثمن زائد، فكاتب عضد الدولة مؤيَّدَ الدولة بالقبض عليه، فقبض عليه، وأعاد الصَّاحبَ أبا القاسم بن عَبَّاد إلى وزارته إلى حين وفاته، وقتل ابن العميد بعد ذلك.


(١) انظر تكملة تاريخ الطبري ٤٥٠.