للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شارَكْنا بختيار في لَهْوه وطَنْزِه (١)، فقال: أيها الملك، لكان زمانٌ وآل والملوك تُعاشَر بمثل أخلاقها، وإن كان بختيار أَخَذَ من اللهو بنَصيب وأخذنا معه فإن مولانا يَجِدُنا في الجِدِّ بحيث يَختار ويؤثر ويحبّ (٢).

وكان أبو الحسين الزاهري (٣) يستفتي ابنَ قُرَيعة دائمًا في تَعَضُّلاتٍ يَضَعُها، فكتب إليه يومًا: ما يقول القاضي أيَّده الله في رجلٍ باع حِجْرًا (٤) على رَجُل، فلما رفَع المُشتري ذَنَبَها ليُقَلِّبَها بعد وَزْن ثمنها، فخرج منها ريح مُصَوِّتَة؛ اتَّصلت بحَصاةٍ ففَقأتْ عين الرَّجُل، ما الواجب فيها الدِّيَةُ أو الرَّدّ؟

فكتب ابنُ قريعة تحت خطِّه: الجواب وبالله التوفيق: لم تَجْرِ عادة بمثل هذه البَدائعِ بين مُشْتَرٍ ولا بائع، فلذلك لم تثبت في فَتاوى الفُقهاء، ولم تُسْطَر في كُتب العلماء، ولكن هذا وما شاكَلَه يَجري مُجرى الفُضول، المُسْتَخْرَج من أحكام العُقول، فأقول: إن دِيَةَ ما جَنَتْهُ الحِجر مُلْغاةٌ في حُكم المُهْدَار؛ لأن "العَجْماءَ جَرْحُها جُبار (٥) "، لحديث النَّبِيّ المختار ﷺ، لا سيّما والمُشتري عند كَشْفِ عَورتها اسْتثَارَ [كامِنَ] سَوْرَتَها (٦)، ولكن رَدُّ السِّلْعَة واجب، وعلى البائع لها إرجاعُها (٧) وردُ ما قَبض؛ لأنه دَلَّس حِجْرًا، مَضِيقُها مَنْجَنيقُها، ومُطْلِقُها بَيدَقُها، ولم يَبْرَ من ذلك، وإن السِّهام إذا كانت طائشة فتلك من العيوب الفاحِشة، وأغراضها نواظِرُ الحَدَق، وقلّما يَستظهرُ المُقَلِّبون للخيل بالدَّرَق.

وأمره المُهَلَّبي أن يُشْرِف على بناءٍ في داره، فحضر رجلٌ من العامَّة، فادَّعى أن وَكيلَ المُهَلَّبيّ اشترى منه ثلاثين بيضةً لتزويق السقوف، ولم يعطِه شيئًا، فقال


(١) سخريته.
(٢) انظر التذكرة الحمدونية ٩/ ٣٥٦.
(٣) كذا، ولم أقف على أكثر هذه الأخبار، وفي تاريخ بغداد ٣/ ٥٥٥ خبران بين ابن قريعة وأبي الحسن الزهراني، فلعله هو، والله أعلم.
(٤) هي أنثى الخيل الكريمة.
(٥) أخرجه أَحْمد (٧٢٥٤)، والبخاري (١٤٩٩)، ومسلم (١٧١٠) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٦) جنى آثار غضبها.
(٧) في (ب): ارتجاعها.