للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرف الشام وخبره، فأرسله في سرية في أربعة آلاف، ومرض الملك فقالوا: استخلف، فقال: حتى يقدم أصحابكم من الشام، فقدم بُخْتَ نَصَّر بالغنائم فقسمها بين الناس فقالوا: هذا أحق بالملك، فملَّكوه (١).

وقال السُّدي: رأى رجلٌ من بني إسرائيل في منامه أنَّ خراب بيت المقدس على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أهل بابل يدعى بُخْتَ نَصَّر، وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم، فسار الرجل إلى بابِل فسأل عنه فقيل: هو غلامٌ يحتطب، وإذا به قد أقبل وعلى رأسه حزمة حَطَب، فألقاها وباعها وجاء بثمنها إلى أمه، فجاء الرجل فنزل على أمه وأعطاهم دراهم ونفقة وكسوةً. وعزم الرجل على العَوْد إلى الشام فقال لبُخْتَ نَصَّر: لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: تكتب لي كتابًا إنْ مَلَكتَ يومًا من الدَّهر، فقال: أتسخر بي؟ قال: لا والله، فما زالَ حتى كتب له كتابَ أمان. فقال: اجعل لي آيةً تعرفني بها إذا جئتُ إليك والناس حولك، قال: ارفع هذا الكتاب على قصبة، وقد عرفته، فيقال: إنه وفى له (٢).

واختلفوا في بُخْتَ نَصَّر، فقال ابن الجواليقي في "المعرَّب" عن الأصمعي قال: بُخْتَ نَصَّر هو الذي أخرب بيت المقدس، ولا يقال بالتخفيف. وقال غير الأصمعي: هو بخت ناصر، وقيل: بُوخَت نَصَّر فأعرب قال: وَبُوخَتُ ابنٌ ونَصَّرُ اسم صنم، فكأنه وُجد عند الصنم ولم يُعْرَف له أب يُنْسب إليه، فقيل: ابن الصنم (٣).

وقيل: كان ولد زنى لا يعرف له نسب، ويقال: بخت نصر بن جوذر البابلي.

وقيل: كان أبوه وجده من بقايا جيش نُمْرُود. وقيل: كان ابن ابن سَنحاريب، وقد ذكرناه.

وقال مجاهد: هو بخت نرسي بالفارسية، وكان كاتبًا لسَنْحاريب. وقيل: كان واليًا لهراسف أو لهراسب، ولَّاه ما بين الأَهْوَاز والروم، فسار إلى دمشق فصالح الملك ناشِيَة على مالٍ.


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٣٧، و"تاريخ الطبري" ١/ ٥٤٥.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٣٨.
(٣) "المعرب" ص ١٢٨ - ١٢٩.