للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال وهب: ولما قدم بُخْتَ نَصَّر إلى بَابِل بالغنائم كان فيهم دانيال، وكان أكرم الناس على بُخْتَ نَصَّر، فحسدته المجوس ووشوا به إلى بُخْتَ نَصَّر وقالوا: إنه وأصحابه لا يأكلون ذبيحتك ولا يعبدون إلهك، فدعاهم فسألهم، فقالوا: نعم لنا إله نعبده، فخدَّ لهم أخاديد وألقاهم فيها، ونزَّل معهم سبعًا ضاريًا شرهًا فلم يضرَّهم.

قال وهب: وكان بُخْتَ نَصَّر قد رأى رؤيا فعبَّرها له دانيال، رأى أنه صار صنمًا رأسه من ذهب، وصدره من فضة، وبطنه من نحاس، وفخذاه من حديد، وساقاه من حجر فخار، ثم رأى حجرًا وقع من السماء عليه فدقَّه، ثم ربا الحجر حتى ملأ ما بين المشرق والمغرب، ورأى شجرة أصلها في الأرض وفرعها في السماء، وعليها طيورٌ عظيمة، وتحتها دواب كثيرة، ثم رأى عليها رجلًا بيده فأس، وسمع مناديًا ينادي: اضرب أصلها لتتفرَّق الطير من فروعها، والدوابُّ من تحتها، واترك أصلها قائمًا، فسأل دانيال عن تعبيرها فقال: أما الصنم فأنت ورأسك من ذهب لأنك أفضل الملوك، وأما الصدر فابنك يملك بعدك، وأما البطن الذي من نحاس فالملك الذي يملك بعده، وأما الفخذان من الحديد فيتفرق المُلْك فرقتين في فارس وتكونان أشد المُلْك، وأما الفخار فآخر ملوكهم، وأما الحجر الذي ربا حتى ملأ ما بين المشرق والمغرب فنبيٌّ يبعثه الله في آخر الزمان يفرّق مُلكهم ويملأ بشرعه ما بين الخافقين، فأما الشجرة فأنت، وقطعها ذهاب مُلْكك، ثم يردُّك الله طائرًا نسرًا، وهو مَلِكُ الطَّير، ثم يردُّك الله ثورًا مَلِك الدَّواب، ثم يردُّك الله أسدًا مع السباع والوحوش، فيكون مسخك سبع سنين (١)، ومع هذا فيكون قلبك قلب إنسان حتى تعلم أن الله له مُلْك السماوات والأرض (٢).

قال وهب: فمسخ الله بُخْتَ نَصَّر نَسْرًا في الطَّير، وثورًا في الدَّواب، وأسدًا في السِّباع، سبع سنين، كما قال دانيال، ثم ردَّ الله عليه مُلْكه فآمن ودعا الناس إلى عبادة الله، فقيل لوهب: أكان مؤمنًا؟ فقال: قد اختلف الناس فيه، فقالت طائفة من أهل الكتاب: كان مؤمنًا، وقالت طائفة أخرى: لم يكن مؤمنًا، أحرق بيت المقدس، وقتل


(١) في (ب): بعد سبع سنين.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٤٠.