للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان في قلب شرف الدولة على قَراتَكين من استطالته، وجاءت هذه الهزيمة، فقبض عليه وقيَّده وقتله في تلك العشية، واستولى على أسبابه، وخاض التُّركُ في حبس (١) قَراتَكين، فلمَّا علموا أنه قد قُتِلَ سكنوا.

وفي صفر عُقِدَ مجلسٌ حضره القضاة والعلماء والأشراف، وجُدِّدتِ التوثقةُ (٢) بين الطائع وشرف الدولة.

وفي ربيع الأول ركب شرفُ الدولة إلى دار الطائع، وخلعَ عليه الخِلَع السلطانية كما فعل بأبيه، وخرج من حضرة الطائع، فدخل على أخته زوجة الطائع، فأقام عندها إلى العصر يتحدَّثان، وانصرف إلى داره، ولمَّا حُمِل اللواءُ على رأسه تخرَّق، ووقعَتْ منه قطعةٌ، فتطيَّرَ من ذلك، فقال له الطائع: إنما حملَتِ الريحُ منه قطعةً، وتأويله: أنك تملك مَهَبَّ الرياح. وكان في جملة مَنْ حضرَ مع شرف الدولة القاضي أبو محمد بن معروف، فلمَّا رآه الطائع قال: [من الخفيف]

مرحبًا بالأحبَّةِ القادمينا … أوحشونا وطالما آنسونا

فقبَّل ابنُ معروف الأرض ودعا.

وفيها توفِّي أبو القاسم سعد بن محمد والي الموصل، وبعث إليها شرف الدولة خواشاده، فسار إليها في الجيش، ولمَّا مات أبو القاسم طمع باذ الكردي في التغلُّب على الموصل، فصار إلى طور عَبْدِين المُطِلِّ على نَصيبين، [فخرج أبو نصر إلى نصيبين] (٣) وجمع بني عقيل، وجرَتْ بينهم مناوشات، وأبو نصر نازلٌ بظاهر نَصيبين، وباذ على الجبل، اتَّفق أنَّ أخا باذ نزل فقاتل فقُتل، وبينما أبو نصر [كذلك] إذ جاء الخبر بوفاة شرف الدولة، فكتمَ أمرَه، وعاد إلى الموصل، وجلس للعزاء، واشتغل باذ بفتح ديار بكر على ما قدَّمنا ذِكْرَه.

وفيها تُوفِّيت والدة شرف الدولة، وجاءه الطائع مُعزِّيًا.


(١) في (خ): جيش، والمثبت من (ب).
(٢) في البداية والنهاية ١١/ ٣٠٥: البيعة، والمثبت موافق لما في المنتظم ١٤/ ٣٢١.
(٣) ما بين حاصرتين هنا وفي المواضع الآتية زيادة من (ب).