للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحِلُّ المُثلة به. فحُنِّط (١) وكُفِّن، ودُفِنَ بعد أن صُلِّي عليه، وظهر من محبة العوام له شيءٌ كثير.

وسار أبو علي بن مروان من فَوره إلى حصن كيفا، وكانت فيه زوجةُ باذٍ الديلميةُ، فقال لها: قد بعثني خالي في مُهِمٍّ. ففتَحَت له البابَ، فأعلَمها بهلاكه، وتزوَّجها، ورَتَّب أصحابَه فيها، ونزل ففتح الحصونَ حِصنًا حِصنًا، حتى رتَب أمورَ الحصون كلِّها، وسار إبراهيم والحسين ابنا ناصر الدولة إلى ديار بكر والرأسُ معهما، فوجدا ابنَ مروان قد أبرم أمور الحصون، فعدَلا إلى قتالِه، فهزمَهما، وأسر أبا عبد الله الحسين، ومضى أبو طاهر إلى آمِد، فأحسَنَ ابنُ مروان إلى الحسين وأكرمه وأطلقه، فصار إلى أخيه وأشار عليه بموادعة ابن مروان، والانكفاء عن ديار بكر إلى غيرها، ومصالحة ابن مروان، فامتنع أبو طاهر عليه، وأبي إلا محاربته، وجمع جمعًا عظيمًا من بني عُقيلٍ وغيرِهم، ثم سار إليه ومعه أخوه الحسين فقاتلاه فهزَمهما، وأسرَ الحسينَ ثانيًا، فأساء إليه وضيَّق عليه، وقال: ما رأيتَ إحساني إليك حتى عُدْتَ وقاتلتني؟! وأقام مدةً أسيرًا حتى كاتبه العزيز صاحبُ مصر فيه، فأطلقَه، فمضى إلى مصر، وولَّاه العزيز مدينة صورٍ (٢) بالساحل، ومات هناك، وبقي له ولدٌ يكنى أبا محمدٍ، وهو من قُوّاد المغاربة.

وأما أبو طاهر فإنه انهزم إلى نَصيبين، فوافى إليه أبو الذَّوّاد محمد بن المسيّب من أمراء بني عُقيل، فأسَرَه ومعه جماعةٌ، فضرب عُنقَ أبي طاهر صَبْرًا ومَن كان معه، وسارَ في بني عُقيلٍ، فملَكوا الموصلَ وأعمالها، وكاتب بهاء الدولة بإنفاذ والٍ من قِبَله، فبعث إليه أبا الحسن بن حمدويه.

ومات أبو الذَّوَّاد في سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.


(١) المثبت من (خ)، والمعنى أنه وُضِعَ لجسده الحِناط: وهو كلُّ ما يُخلط من الطيب ويوضع لأكفان الموتى وأجسامهم؛ من مسك وكافور. . . وغير ذلك. ينظر المعجم الوسيط (حنط).
(٢) في الكامل ٩/ ٧٢ أنه ولاه على ولاية حلب.