للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المملكة، واختلط الناس، وظنَّ مُعْظَمُهم أنَّ القبض على بهاء الدولة، فقُدِّم إليه في الوقت دابةٌ ليركبها، فلمَّا رآه الأولياءُ سكتوا، ووقع النَّهبُ، فأُخِذَتْ ثيابُ مَنْ حضرَ من القُضاة والأشراف والشهود والعلماء والكتَّاب، وقُبِضَ على أبي الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان، واحتيط على الحجر وعلى الخزائن والخدم والحواشي، وحُرِسَتْ زوجةُ الطائع من النَّهب، وانصرفَ بهاءُ الدولة إلى داره، وأُظْهِرَ أمرُ أبي العباس أحمد القادر، وكُتِبَ عن الطائع كتابٌ بِخَلْعِ نفسِه وتسليمِه الأمرَ إلى القادر، وشهد عليه فيه الشريفُ أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي، وأبو محمد بن عمر بن يحيى العلوي، وأبو القاسم بن أبي تمام الزينبي، وأبو الحسن (١) بن معروف القاضي، وآخرون، فكانت خلافته سبع عشرة سنة وستة أشهر. وقيل: وثمانية أشهر وخمسة أيام، وأمه أم ولد، يقال لها: عتب (٢)، وكان نقش خاتمه الَّذي في يده: الطائع لله، ونقش الخاتم الَّذي يختم به الكتب: محمدٌ رسول الله.

وبعثَ بهاءُ الدولة بكتاب الخَلْعِ إلى القادر وهو بالبَطيحة، بمكانٍ يُقال له: الصَّليق، وحثَّه على المبادرة إلى بغداد، وبعث مع الكتاب بأُذن الطائع جَدَعَها -وقيل: بأنفه أيضًا، وقيل: الَّذي جَدَعَ أنفَه القادرُ جَدعًا يسيرًا رأسَ الأرنبة- وأُقيمت الخطبة في رمضان للقادر، وحُوِّل جميعُ ما كان في دار الخليفة؛ من المال والثياب والأواني والصِّياغات والفُرُش والآلات والعُدَد والسلاح والجواهر والخدم والدوابِّ والبغال وجميع ما فيها، حتَّى الرصاص والرخام والسياج، ووجدوا في الخزائن رؤوس جماعة من الخوارج في أسفاط (٣)، فَرُمِيَتْ في دِجْلَة، إلا رأس علي بن محمد صاحب الزَّنْج، فإنَّ الرضيَّ أبا الحسن أخذه وحمله إلى داره. فطاف بهاء الدولة الدار مجلسًا مجلسًا، فانتخب (٤) الخاصة والعامة، فدخلوها وشعَّثوا (٥) بنيتها، وقلعوا بعض أبوابها وشبابيكها، وفعلوا بها كلَّ قبيح.


(١) في (خ) الحسين. والمثبت من (ب) هو الصواب.
(٢) هكذا وقع اسمها في تاريخ بغداد ١١/ ٧٩، والكامل ٩/ ٨٠.
(٣) الأسفاط جمع سفط: وهو الَّذي يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. اللسان (سفط).
(٤) في (خ): فانتهب، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٤/ ٣٤٩، والخبر فيه بمعناه.
(٥) شعَّثوا: فرَّقوا. المعجم الوسيط (شعث).