للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كراديس أحد قُوَّاد المغاربة، فقاتله يومًا واحدًا، ثم طلب منه الأمان، فأمَّنه، فخرج بنفسه وأهَّلَ (١) به، وأعطاه بَسيلُ مالًا وثيابًا، ووفَّى له وسلَّمه إليه، فَرَتَّب فيه أحدَ ثقاته، ونازَلَ حمص ففتحها، وسبى منها ومِنْ رقبتها وأعمالها أكثرَ من عشرة آلاف نسمة، ثم نزل على طرابلس أربعين يومًا يقاتلها فلم يقدر على فتحها، فرحل عائدًا إلى الروم، وانتهت أخباره إلى العزيز، فنودي في الناس بالنَّفير وفتح الخزائن، وسار في جيوشه ومعه توابيت آبائه، فنزل إلى الشام على بانياس، فأخذه القُولنْجُ فمات في الحمام، وولي ابنُه الحاكم مكانَه، وذلك في سنة ست وثمانين وثلاث مئة ورجع الحاكم إلى قصره، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وفي رمضان وردَت كتُبُ أهل الرَّحبة والرقَّة إلى بغداد باستدعاء من يسلِّمونها إليه، فندب لذلك خُمارتَكين الحفصي، فخرج في شوال ومعه خمس مئة رجل من الدَّيلم والتُّرك وجماعةٌ من العرب، وكان ابنُ وشاح في الرَّحبة، فدخلها خُمارتَكين وملكها، ثم سار إلى الرقة، وبها بدر السعدي، فاعتصم بالرافعة، وقاتل خُمارتَكين دفعاتٍ ودفعه عنها، فعاد إلى الرَّحبة على الظَّهر، وبعث بأثقاله في السفن، فاعترضه قومٌ من العرب بين الدالية وعانة (٢)، فأسروه وأخذوا جميع ما كان معه على الظَّهر، وسلَّم ما كان في السفن، فابتاع منهم نفسَه بألف دينار، ودخل بغداد في ذي الحجَّة.

وفيها بعثَ بهاءُ الدولة أبا جعفر الحجاج بن هُرْمُز إلى الموصل فدخلها، واجتمعت عليه بنو عُقيل وزعيمُهم أبو الذَّوَّاد محمد بن المسيِّب، وقاتلوه بظاهر البلد، وجرت بينه وبينهم وقائع، وكان يطرح كُرسيَّه وسط المصاف ويجلس عليه والحرب قائمة، وظهرت منه شجاعة عظيمة، وتوفي أبو الذَّوَّاد سنة خمس وثمانين، وعاد بنو عُقيل واجتمعوا عليه وأخرجوه من الموصل.


(١) في (خ) و (ب): وأهله، وهو خطأ، والتصويب من النجوم الزاهرة ٤/ ١٢١.
(٢) الدَّالية وعانة: مدينتان من مدن الفرات. معجم البلدان ٢/ ٤٣٣، ٤/ ٧٢.