للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن عمران (١)

ابن موسى بن عبيد الله، أبو عبد الله، الكاتب، المَرْزُباني، كان صاحب أخبارٍ ورِوايةٍ للآداب، وصنَّفَ كتبًا مُستحسنةً في فنون، وكان أشياخُه يحضرون عنده في داره فيسمع منهم، وكان في داره خمسون دُوَّاجًا (٢) ما بين فراشٍ ولحافٍ مُعدَّة لأهل العلم الذين يكتبون عنده، وكان عضد الدولة يجتاز فيقف ببابه حتَّى يخرجَ إليه فيُسلِّم عليه، وكان أبو علي الفارسي يقول: هو من محاسن الدنيا. وتوفِّي في شوال ببغداد عن ثمان وثمانين سنة، ودُفِنَ في مقابر الخيزران، وقد تكلَّموا فيه؛ قالوا: كان مُتشيِّعًا، ولا فرقَ عنده بين الإجازة والسماع، واتَّفقوا على أنَّه لم يكن كذَّابًا.

المُحسِّن بن علي (٣)

ابن محمد بن أبي الفهم، أبو علي، القاضي، التَّنوخي، والد علي، مصنف كتاب "الفرج بعد الشدة" وُلدَ سنة سبع وعشرين وثلاث مئة بالبصرة، وكان أديبًا شاعرًا أخباريًّا، تقلَّد القضاء بِسُرَّ مَنْ رأى وغيرِها، وتوفِّي ببغداد في المحرَّم.

[السنة الخامسة والثمانون وثلاث مئة]

فيها تحرَّكت القرامطة على البصرة، وجمعوا لقصدها، فأرسلَ أهلُها إلى القادر يستنجدونه، وهرب منها الرجال والنساء والأطفال، فجهز بهاءُ الدولة إليهم جيشًا، فلمَّا علمت (٤) القرامطة به رجعوا إلى بلادهم، وزُلزِلَتِ الدنيا زلزلةً عظيمةً، مات تحت الهدم خلق كثير، [وكان ثمرة الزلازل موت الصاحب إسماعيل بن عباد].

وفيها أمر صَمْصام الدولة بقتل من كان بفارس من الأتراك، وكانوا قد أفسدوا وعاثوا، ونهبوا المال والحريم، وكانوا سبع مئة غلام، فلمَّا نَذَر صَمْصامُ الدولة دماءَهم هربوا إلى السند، وراسلوا صاحبها لدهرٍ في الدخول إليها، فأذِن لهم، وخرج للقائهم، وصفَّ أصحابَه صفَّين، فلمَّا صار الترك بينهم وضعوا فيهم السيوف، فلم يُفْلِتْ منهم أحد.


(١) تاريخ بغداد ٣/ ١٣٥ - ١٣٦، والمنتظم ١٤/ ٣٧٢.
(٢) الدُّوّاج: ضرب من الثياب، قال ابن دريد: لا أحسبه عربيًّا صحيحًا، ولم يُفسره. اللسان (دوج).
(٣) تاريخ بغداد ١٣/ ١٥٥ - ١٥٦، والمنتظم ١٤/ ٣٧٣. وينظر السير ١٦/ ٢٥٤.
(٤) في (م): غلب، وهو تحريف ظاهر.