للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن عبد الله (١)

ابن سُكَّرة، أبو الحسن، الهاشمي، البغدادي، ويُعرف بابن رائطة، من ولد علي بن المهدي، وكان شاعرًا ظريفًا فصيحًا، فمن شعره: [من المنسرح]

في وجهِ إنسانةٍ كَلِفْتُ بها … أربعةٌ ما اجتمَعْنَ في أحدِ

الوجهُ بَدْرٌ والصُّدغُ غاليةٌ … والريقٌ خمرٌ والثَّغرُ من بَرَدِ

ودخل حمَّامًا، فَسُرِقَ مداسُه، فخرج إلى داره حافيًا، وقال: [من الوافر]

إليكَ أذُمُّ حمَّامَ ابنِ موسى … وإن فاقَ المنى طيبًا وحَرَّا

تكاثَرتِ اللصوصُ عليه حتَّى … لَيَحْفى مَنْ يطيفُ به وَيعرى

ولم أفقِدْ بهِ ثوبًا ولكِنْ … دخلتُ محمدًا وخرجتُ بِشْرا

ومن شعره في أبي السائب القاضي: [من السريع]

إنْ شِئْتَ أن تُبصِرَ أُعجوبةً … من جَوْرِ أحكامِ أبي السائبِ

فاعْمَدْ من اللَّيلِ إلى صرَّةٍ … وقَرِّرِ الأمرَ مع الحاجِبِ

حتَّى ترى مروانَ يُقْضَى لَهُ … على عليِّ بنِ أبي طالبِ

ولمَّا ضربَ مُعِزُّ الدولة أبا محمد المُهلَّبي وطالبَه بالأموال، كتبَ إليه ابن سُكَّرة -وكانُ مُعِزُّ الدولةِ أشلَّ، وقيل: أقطع-: [من مجزوء الخفيف]

أيُّها السيِّدُ الذي … هو في جُوده مَثَلْ

والذي سَيبُ (٢) كفِّه … طبقَ السهلَ والجبَلْ

جئتُ أدعو على يدٍ … أثَّرت فيكَ بالشَّلَلْ

وتأمَّلْتُ أمرَها … فإذا اللهُ قَدْ فعَلْ

فلما وقف عليها المُهلَّبي قال: إيَّاك أن يقِفَ على هذه الرُّقعة أحدٌ، فنقعَ في أكثر ممَّا نحن فيه.


(١) تاريخ بغداد ٥/ ٤٦٥، والمنتظم ١٤/ ٣٨٢، ويتيمة الدهر ٣/ ٣ - ٢٩. وينظر السير ١٦/ ٥٢٢.
(٢) السَّيْب: العطاء. المعجم الوسيط (سيب).