للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزاز بن مَعَدّ (١)

أبو منصور، ويُلقَّب بالعزيز صاحب مصر، ولد بالمهديَّة بالقيروان، سنة أربع أو اثنتين وأربعين وثلاث مئة، يوم عاشوراء، في ربيع الآخر، وخرج إلى القاهرة مع أبيه أبي تميم مُعَدّ الملقب بالمُعِزّ، ولمَّا مات أبوه وَليَ الأمرَ وله اثنان وعشرون سنة، وقد ذكرنا وقائعه، وكان حسنَ التدبير، كثيرَ الحلم، قليلَ سفكٍ للدماء لا يرى ذلك، عادلًا جوادًا، وكانت وفاته بالقاهرة في رمضان -وقيل: بالشام، وقيل: ببِلْبيس- في الحمَّام، وعمره اثنان وأربعون سنة وثمانية أشهر، وكانت أيامُّه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام، وولي مكانَه ولدُه أبو علي منصور، ولُقِّبِ بالحاكم بأمر الله، المنتقمِ من أعداء الله، وسِنُّه يومئذٍ خمسٌ وعشرون سنة.

[السنة السابعة والثمانون وثلاث مئة]

فيها توفِّي أبو العباس فيروز بن ركن الدولة بالرَّيِّ، وكان بهاء الدولة بواسط، فجلس في العزاء، وجلس ابنه أبو منصور ببغداد، وقيل: إن فخر الدولة سمَّه وسمَّ ولديه من بعده، فمات الكلُّ.

وفي رجب توفِّي فخر الدولة أبو الحسن علي بن ركن الدولة بن بُويه، وعادت طبرستان وجرجان إلى أبي الحسين قابوس بن وُشْمَكير، وكان فخر الدولة لمَّا مَلَكَ البلاد عزَمَ على ردِّها إلى قابوس، وكان أخوه مؤيَّد الدولة قد أخذها منه، فقال له الصاحب بن عبَّاد: هذه بلادٌ عظيمةٌ قد حصَلَتْ بيدك، ومتى أخرجتَها عنك ضيَّعتَ على نفسك من أموالِها ما لا تقتضيه السياسة والاحتياط للدولة. فأصغى إلى قوله، فلمَّا مات كتب أهل جرجان إلى قابوس يستدعونَه، فصار إليهم، وملَكَ إلى باب الريِّ، وجَرَتْ بينه وبين مجد الدولة -أبي طالب علي بن حمولا نائب فخر الدولة بجرجان- حروبٌ، فكان الاستظهار لقابوس، وكان مقيمًا بضياعٍ اشتراها بناحية أسفرايين، فكاتبَه أهلُ جُرجان، فصار إليهم، وقاموا معه فملكوه، وكان حسنَ السيرة، ناظرًا في حقِّ الرعية، ولمَّا ملَكَ رَفَع عنهم الرسومَ الجائرةَ والمكوسَ، فازدادوا حبًّا له.


(١) المنتظم ١٤/ ٣٨٦. وينظر السير ١٦/ ١٦٧.