للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدولة ومحيي الدولة، وأبو القاسم بحسام الدولة وسيد الأمة، وأصبحت حضرة صَمصام الدولة خاليةً ممَّن يُعنى في أمر، وكان بمدينة فَسا أستاذُ هُرمُز الدَّيلمي، من كبار القُوَّاد، فاجتمع إليه أصحاب صَمصام الدولة، وقالوا: قد علمتَ حال ابني بختيار، والظاهر أنهما يَغلِبان على هذه البلاد، وأول ما يبدآن بِكَ، والصواب أن تُفرِّقَ ما معك من مال وسلاحٍ وكُراعٍ على الدَّيلم الذين عندك، وتأخذهم وتمضي إلى شيراز، وتحمل صَمصام الدولة إلى الأهواز، فتُخلِّصه من الخطر الذي يتوقعه، فإنك إذا فعلتَ ذلك أحييتَ الدولةَ، وقضيت حقَّ النعمة، وتُقرَّبُ من رجالنا الذين هناك، وإن لم تفعَلْ هذا وثَبَ عليك هؤلاء الدَّيلم الذين عندك، وأخذوا مالكَ، وأسلموك إلى ابن بختيار. فشحَّ بالمال على حفظ نفسه، وبعد أيام وثَبَ الدَّيلم عليه، فأخذوا ماله، وحملوه إلى ابن بختيار، وتمكَّن ابنا بختيار من فارس، واستطالا.

[وفيها حجَّ بالناس العلوي].

واتَّفق موتُ ابن صَمصام الدولة (١) يقال له: [أبو] شجاع، وقد ترعرع ونشأ، و [كان] أبوه يحبُّه حبًّا شديدًا، فعدِمَ الصبرَ عليه، وكان يوم خروج جنازته يومًا عظيمًا، لم يبقَ ببلاد شيراز إلَّا من لبس السواد، وصَمصام الدولة يبكي ويتمرَّغ، وما كان يبكي إلا من أُذنه، وهذا من العجائب (٢).

ثم جاءه خبر نزول ابني بختيار من القلعة، فقال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ذهب -والله- مُلكي وولدي. ولم يبقَ عنده من أصحابه من يعتمد عليه، فأشار عليه خواصُّه أن يصعد القلعةَ التي على باب شيراز، فحاول ذلك، فلم يَفتَح له الذي هو فيها بابَها، فقال له مَنْ بقي معه وهم نحوٌ من ثلاث مئة (٣): الرأيُ أن نَدَعَكَ أنت ووالدتَك في عَمّارِيَّة، وتَسيرَ إلى الأهواز، فتلحقَ بعسكرِكَ الذي فيها مع هُرمُز، وتنظرَ ما تراه، ونفوسُنا دونَك. فقال الرضيع: هذا فيه غَرَرٌ وخَطَرٌ، والوجه أن تستدعي الأكراد وتتوثَّق منهم، وتسيرَ معهم. فمال إلى ذلك، واستحضرَ الأكراد، واستوثقَ منهم، وأخذ أمواله


(١) في (م) و (م ١): وفيها توفي ابن صمصام الدولة.
(٢) بعدها في (م ١) وحدها زيادة: والغرائب.
(٣) بعدها في النسختين الموجودتين (خ) و (ب) عبارة مقحمة: فقال لهم الخيل! وينظر الكامل ٩/ ١٤٢ - ١٤٣، فالخبر فيه بمعناه.