للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ألفٌ ومئتا فتيلة، واثنين آخَرَين دونَه، وزفَّهم بالدَّباديب (١) والبوقات والتهليل والتكبير، ونصبهم ليلة النصف من شعبان، وابتاع عقارًا وأوقفه على الدار، وحضر أول يوم من رمضان إلى الجامع الذي بالقاهرة، وحمل إليه الفُرشَ الكثيرةَ والحُصرَ السامانَ وقناديلَ الذهبِ والفضةِ، وعلَّق السُّتورَ على الأبواب، وجمع الناس على صلاة التراويح، فكثُرَ الدعاءُ له، ولبس الصوفَ في هذه السنة يوم الجمعة غُرَّة رمضان، وركب الحمار، وأظهر النُّسكَ، وملأَ كُمَّه دفاترَ، وخطب بالناس يوم الجمعة، وصلَّى بهم، ومَنَعَ من أن يُخاطَب بمولانا، و [منع] من تقبيل الأرض بين يديه، وأقام الرواتب لمن يأوي إلى المساجد من الفقهاء والقُرَّاء والغرباء وأبناء السبيل، واختار بحضور مجلسه جماعةً من أعيان القُرَّاء، وأجرى عليهم الأرزاق، وصاغ محرابًا عظيمًا من فضة وعشرة قناديل، ورصَّع المحراب بالجواهر، ونصبه في المسجد الجامع، فتضاعف الدعاءُ له والثناءُ عليه، وأقام على ذلك ثلاث سنين يحمل الشموع والطيب والبخور إلى الجامع في عامة الليالي، وفعَلَ ما لم يفعَلْه أحدٌ، ثمَّ بدا له من بعد ذلك أن قَتَلَ أبا بكر الأنطاكي والشيخ الآخر وخلقًا كثيرًا من أهل السُّنَّة في يوم واحد، وأغلق دار العلم، وحظر صلاة الضحى والتراويح، ومنَعَ من جميع ما فسح فيه مِمَّا تقدم، وأقام على ذلك حتى قُتِلَ [في السنة الحادية عشرة وأربع مئة].

وحجَّ بالناس أبو الحارث محمَّد بن محمَّد العلوي [وقد حجَّ بهم قبل هذه السنة] (٢).

وفيها تُوفِّي

الحجاج بن هُرْمُز (٣)

أبو جعفر، استنابه بهاء الدولة بالعراق، وندبه لحرب الأعراب والأكراد، وكان مقدَّمًا في أيام عضد الدولة وأولادِه، شجاعًا، عارفًا بالحرب، وكانت له هيبةٌ عظيمةٌ،


(١) الدباديب: الطبول. المعجم الوسيط (دبدب).
(٢) هذه الزيادة من (م) وحدها، والخبر في المنتظم ١٥/ ٧١، وكذلك الخبر الذي قبله فيه بمعناه مختصرًا.
(٣) المنتظم ١٥/ ٧٢.