للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلْقَني أحدٌ، [وعميد الجيوش هو الَّذي مدحه الببَّغاء الشاعر، وقد ذكرناه فِي ترجمته] (١).

وقال الخطيب (٢): دخل الرُّخَّجي على عميد الجيوش، ومعه سبعون مجلدةً خَزًّا، ومنديل فيه دراهم كثيرة، وقال: مات عندنا نصرانيٌّ من أهل مصر، وخلَّفَ هذا، وليس له وارث. فقال عميد الجيوش: من حكم الاستظهار أن يُتركَ هذا بحاله، فإن حضر وارثٌ وإلَّا أُخِذَ. فقال الرُّخَّجي: يُحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يتبيَّن الحالُ. قال: لا يجوزُ أن يدخل خزانة السلطان ما لم يصحَّ استحقاقُه، فلمَّا كان بعد مدة قدم أخو النصراني ومعه كتابٌ باستحقاق التركة، فقيل له: عليك بعميد الجيوش. فجاء إلى داره وهو قائم على رَوْشَنِهِ يصلِّي الفجر، فظنَّه نقيبًا، فدفع إليه الكتابَ، وسأله إيصاله إلى صاحب الخبر ليقضيَ له حاجتَه، فقال عميد الجيوش: سمعًا وطاعةً. وبعث إلى صاحب الخبر فدفع إليه التركة، فقال له النصرانيُّ: فبأيِّ شيء أخدُمُ النقيب الَّذي أدخل كتابي إليك؟ فقال: ويحَكَ! هذا عميد الجيوش. فقال: الَّذي تهابُه ملوكُ الأطراف؟ قال: نعم. فقال: هذا سيد المرسلين. فدخل صاحب الخبر عليه، وقال: يا مولانا، إنَّ النصرانيَّ يقول كذا وكذا، وقد كثُر الدعاءُ ببغداد لك. فلمَّا كان بعد مدَّةٍ جاءت كتُبُ ابنِ القُمِّي والتُّجار من مصر إلى عميد الجيوش تُخبر أنَّ ذلك النصرانيَّ حضر فِي مجمعٍ من التُّجار، وحكى القصة، فضجَّ الناسُ بالدعاء، وقالوا: يا ليتنا كنَّا فِي جواره وظِلِّه. ففرح عميد الجيوش، وقال: لقد أحسن المكافأة.

ذِكرُ وفاته:

[قال هلال بن الصابئ: وفي يوم الخميس لأربعٍ خَلَوْنَ من جمادى الأولى] دخل عميد الجيوش بربرة مُصْعِدًا إلى بغداد من الجبل (٣)، وقد بدأتْ به العِلَّةُ، فأقام أربعة


(١) عند ذكر من توفِّي سنة ثمانٍ وتسعين وثلاث مئة.
(٢) كذا فِي (خ)، ولم أقف عليه، ولعلها: جدي، فالخبر فِي المنتظم ١٥/ ٨٠.
(٣) بعدها في (خ): فِي يوم الخميس لأربع خلون من جمادى الأولى. وقد أثبتت، هذه العبارة فِي موضعها آنفًا من (م) و (م ١).