للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم، فشربوا وسقوا، والتقاهم العدو وهم خلقٌ عظيم (١)، ومعهم ست مئة فيل، فنصره الله عليهم، فغَنِمَهم وعاد سالمًا.

ومن العجائب أنَّه كان بين أبي الحسين عبد الله بن دنجا - عامل البصرة، ويُلَقَّب بذي الرُّتبتين - وبين أبي سعد بن ماكولا وَحشةٌ، فمرض أبو سعد مرضًا صعبًا، فأنفذ أبو الحسين [فَوكَلَ بداره، ثم اعتل أبو الحسين] ومات، وتماثل ابن ماكولا، فبعث أولئك الموكلين إلى دار أبي الحسين فاحتاطوا عليها، وقبضوا على أصحابه (٢).

وحجَّ بالناس أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر، فلمَّا وصلوا زُبالة هبَّت عليهم ريحٌ سوداءُ، ففقدوا الماءَ، ومات منهم خلقٌ كثير، وبلغت المزادة مئة درهم، وأعطى جماعةٌ الخفارةَ لبني خَفاجة، فرجعوا بهم إلى الكوفة.

ذكر طرف من أخبار حلب وحوادث وقعت فِي هذه السنة وما بعدها مما يتعلَّق بذلك:

كان مرتضى الدولة أبو نصر بن لؤلؤ قد أقام الدعوة للحاكم بحلب، وضَرَبَ السِّكَّة باسمه، واستمال بسيل ملك الروم بالهدايا والتُّحف، وفعل معه ملك الروم كذلك، وكان إذا خاف جانبَ الحاكم موَّه عليه بصاحب الروم، وإذا خاف صاحب الروم موَّه عليه بالحاكم، فتمَّ أمرُه على هذا مدة، وكان صالح بن مِرْداس يخدُمُه كالنقيب بين يديه، ويتوسَّط ما بينه وبين العرب، فلما كان فِي هذه السنة اعتلَّ الحاكم عِلَّةً قوي عليه الإرجاف فيها، ووردت على ابن لؤلؤ كتبٌ من مصر بتحقق وفاتِه والبعثِ له على طلب الحصون الشامية أفامية وغيرِها والبلادِ المجاورةِ بحلب، فطمِعَ وكتب إلى البطريق المقيم بأنطاكية، واستدعى منه ألفي رجل من رُماة الأرمن، وكان بَسِيل قد كتب إليه متى طلب النَّجدةَ أنْجَدَه، فبعث إليه بالرجال، فبعث ابنُ لؤلؤٍ أخاه أبا الجيش ابن لؤلؤ مع ألفي غلام من الحمدانية والأرمن إلى حصن أفامية، فنزل المعرَّة، وكان والي الحصن سَديدُ الدولة علي بن أحمد الضَّيف، وكانت له منزلةٌ متقدِّمة عند الحاكم،


(١) فِي (م) و (م ١): كثير، والمثبت من (خ) والمنتظم ١٥/ ٨٤، والخبر فيه.
(٢) هذا الخبر والذي يليه بمعناهما فِي المنتظم ١٥/ ٨٤ - ٨٥ وما بين حاصرتين منه.