للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وأخذَه والكاتبَ ونزل إلى القصر فقتَلهما، وأخذ من الخزانة جواهر كثيرةً ومالًا، وأخذ معه غلامًا على فرسٍ، وسار يطلب ميَّافارقين، فلقيه جماعة من الأكراد، فأحاطوا به، وبلغ الخبرُ الأميرَ أبا نصر، فركب هو وخواجا - وكان قد استَوْزَره - وسار يطلب آمِد، فلقيه الأكرادُ الذين عندهم الفرَّاش، وعندهم أنَّه طالب له فقالوا: عندنا طلبتُكَ أيُّها الأمير. قال: ما هي؟ قالوا: فرَّاشٌ معه جواهرُ ومال، وأحضره فسأله عن القصة، فأخبره، وأعطاه الأمان، على أن يُعرِّفَه ذخائرَ ابنِ دِمْنة وودائعَه، وجاء إلى آمِد وقد عصى فيها أولادُ مِرِّيخ، فراسلَهم، فقالوا: سَلِّم الفرَّاش إلينا، فامتنع، فقال له خواجا: ما تُحِبُّ أن تباع آمِدَ بفرَّاشٍ. فسلَّمه إليهم، فقتلوه، ودخل أبو نصر البلد، واستولى على ما فيه، واستناب أبا الحارث زيدًا، فأقام حتَّى قتله بنو نمير.

[وفيها تُوفِّي]

[عثمان بن عيسى]

أبو عمرو، الباقِلَّاوي (١)، البغدادي، الزاهد، كان يُقال له: العابدُ الصموت؛ لأنه ما كان يتكلَّم فيما لا يعنيه، وما كان له مأوى إلَّا المسجد، ولا يخرج منه إلَّا يوم الجمعة، وكان يقول: إذا كان وقتُ الغروب أحسستُ بروحي تخرج. يعني لاشتغاله بالإفطار عن الذِّكر.

وكان يقول: أحبُّ الناسِ إليَّ مَنْ تركَ السلامَ عليَّ؛ لأنَّه شَغلَني بِرَدِّ سلامِه عن الذِّكر.

وكان يتعمَّمُ بحبلٍ، وكان إذا سمع قارئًا يقرأ يُغْشى عليه.

وسأله السعيد التركي أن يصِلَ إليه منه شيء، فامتنع، فقال: فلا أقَلَّ من دُهْنِ المسجد! فجاءه وكيلُه بدُهْنٍ، فلمَّا عاد ليحمِلَ إليه دُهْنًا قال: لا تحمِلْ إليَّ شيئًا آخر، فقد أظلم عليَّ المسجد.


(١) فِي (خ): الباقلاني، والمثبت من (م) و (م ١)، ومصادر ترجمته: تاريخ بغداد ١١/ ٣١٣ - ٣١٤، والمنتظم ١٥/ ٨٦ و ٨٧، وصفة الصفوة ٢/ ٤٨٢ - ٤٨٤. قلت: ووقعت كنيته فِي النسخ: أبو عمر، والمثبت من عدد المصادر وهو الموافق لما سيأتي فِي آخر الترجمة.