للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هي من أكبر مصالح المسلمين، ونقابةَ الطالبيين، والمتعلقة بالملاحظة من أمير المؤمنين، فِي شرق الأرض وغربها، وقريب الأعمال وبعيدها، متمسِّكًا بالثقة فِي ديانتِه، والنُّصرةِ فِي أمانتِه، ومعتقدًا أنَّ الإمام قد أحكمَتْهُ أحكامُ التثقيف والتهذيب، ووَثَّقَتْهُ أقسام التحنيك والتجريب، وأنَّ الصَّنيعَةَ عنده واقعةٌ فِي الكفؤ الوفي، والعدل الولي، والرَّحِم الواشجة التي تُدنيه، والأرومة الشامخة التي تُعليه، والدواعي التي تُوجِبُ له مزيدَ الاختصاص، وفضيلةَ الاستخلاص، والله يُمِدُّ أمير المؤمنين بالتوفيق المُبلِّغ إلى الصواب، والتأييدِ الموصِلِ إلى الأغراض، ويُعينُه على ما يتوخَّاه من اختيار الوُلاةِ الصُّلحاء، والكُفاةِ النُّصحاء، وحسْبُ أمير المؤمنين اللهُ ونِعْمَ الوكيل. وقُرِئ عهدُ سلطان الدولة بمعناه.

وفي آخر صفر ورد الحاجُّ، وقد تلِفَ منهم خلقٌ كثيرٌ من العطش، كانوا عشرين ألف جمل، فوصل منها ستةُ آلاف جمل، وهلك الباقي (١).

وفيها وصل سلطان الدولة من شيراز إلى الأهواز، فكتب إلى فخر الملك يستدعيه، فاستشعر من أبي الخطَّاب، وكتب يطلب مردوست، فقدم عليس فعرَّفه إشفاقَه من أبي الخطاب، ثم انحدر إلى الأهواز ومعه المناصح الجُرْجاني، واستحلف له أبا الخطاب، فلمَّا وصل إلى الطِّيبِ (٢) جاءته كتائب سلطانِ الدولة تقول: قد كاتبناكَ بالتعجيل إلى حضرتِنا، وحاجتُنا إلى الاجتماع معك ماسَّةٌ، وبَلَغنا أنَّ الأولياء بواسط خاضوا فِي منعِكَ من الإلمامِ إلينا، فإن كان ذلك كذلك فنحنُ معكَ بين أن تُخالفهم وتُبادِرَ إلى ما أمرناك به، وهو الأَولى، أو تتأخَّر، فالضرورة تدعونا إلى المسيرِ بنفوسنا. فسار مُجِدًّا، فلمَّا وصل الأهواز تلقَّاه سلطان الدولة والعساكر، وأكرمَه واحترمَه، ولمَّا نزل جاءه أبو منصور مردوست، وجمع بينه وبين أبي الخطاب ليلًا، ومشى فخرُ الملك إليه، وعاتبه أبو الخطاب، وتلطَّف به فخرُ الملك، وتحالفا وتعاهدا، وصلحتِ الحالُ صلاحًا تامًّا، وكانت المِيرةُ قد ضاقت على سلطان الدولة، وعدِمَتِ الأقواتُ، فكاتب فخرُ الملك الأطرافَ، وجلب الغِلال والميرةَ، فاتَّسع الشيءُ على الناس، ثم حملَ فخرُ الملك على سلطان الدولة الهدايا والتُّحف والطُّرف،


(١) الخبر فِي المنتظم ١٥/ ١١٢.
(٢) الطِّيب: بليدة بين واسط وخوزستان. معجم البلدان (طيب).