للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجعتُ ودمعي جازع من تجلُّدي … يرومُ نزولًا للجوى فيَهابُ

وأثقلُ محمولٍ على العينِ ماؤها … إذا بانَ أحباب وعَز إيابُ

وقال من أبيات: [من الطويل أيضًا]

هل الطَّرْفُ يُعطي نظرةً من حَبيبِهِ … أمِ القلبُ يَلقى روعةً (١) من وَجيبِهِ (٢)

وهَلْ للَّيالي عَطْفَةٌ بعد نَفرةٍ … يعودُ فتُلهي ناظرًا عن غروبِهِ

أحِنُّ إلى نورِ اللِّوى في بِطاحِهِ … وأَظْما إلي ريَّا اللِّوى في هبوبِهِ

وذاكَ الحِمى يغدو عليلًا نسيمُهُ … ويُمسي صحيحًا ماؤُهُ في قليبِهِ

وقال أيضًا: [من الطويل]

أحبُّ الثَّرى النَّجديَّ من أجْرَعِ (٣) الحِمى … كأنِّي لِمَنْ بالأجْرَعِينِ نَسيبُ

إذا هبَّ عُلْويُّ النَّسيمِ رأيتَني … أَغُضُّ جُفوني أنْ يُقال مُريبُ

وقال: [من الكامل]

ولقد مررتُ على ديارِهم … وطُلُولُها بيدِ البِلى نَهْبُ

فوقفت حتى عجَّ من عجبٍ (٤) … نِضوي (٥) ولَجَّ بِعَذْليَ الرَّكْبُ

وتلفَّتَتْ عيني فمُذْ خَفِيَتْ … عنِّي الطُّلولُ تلَفَّتَ القَلْبُ

قال المصنف رحمه الله تعالى: حكى لي مؤيَّدُ الدين وزيرُ الخليفة المستعصم ببغداد في سنة أربع وأربعين وست مئة، قال: مَرَّ رجلٌ بالكَرْخ على دارٍ خراب، فوقف عليها، وتمثَّل بهذه الأبيات، فقال له بعضُ الجيران: أتدري لمن هذا الشعر؟ قال: لا واللهِ. قال: هذا للرضيِّ، وهذه دارُه. فقال: [من مجزوء الرمل]

مَنْ مُعيدٌ ليَ أيَّا … مي بجَزَعِ السَّمُراتِ

ولياليَّ بِجَمْع … ومنًى والجَمَراتِ


(١) في الديوان: راحةً.
(٢) الوجيب: تحرك القلب تحت أبهره. اللسان (بهر).
(٣) الأجرع: المكان الواسع الذي فيه حزونة وخشونة. اللسان (جرع) ٩.
(٤) هذا الشطر في وفيات الأعيان ٤/ ٤١٧، والوافي بالوفيات ٢/ ٣٧٦، وفي غيرهما من المصادر:
فبكيتُ حتى ضَجَّ من لغَبٍ.
(٥) النِّضْو: الثوب الخَلَق. اللسام (نضو).