للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولولا تداوي القلبِ من ألم الجَوى … بِذِكْرِ تلاقينا قَضيتُ من الوَجْدِ

ويا صاحِبيَّ اليومَ عُوجا لِتسألا … رُكيبًا من الغَوْرينِ أنضاؤهم تخدي

عن الحيِّ بالجرعاءِ جرعاء مالكٍ … هل ارتَبعوا واخضرَّ واديهمُ بَعْدي

شممتُ بنجدٍ شِيحةً حاجِريَّةً … فأمْطَرْتُها دَمْعي وأفرَشْتُها خَدِّي

ذكرتُ بها رِيَّ الحبيبِ على النَّوى … وهيهاتَ ذا يا بُعْدَ بينهما عِندي

وإني لَمجلوبٌ إلى الشَّوقِ كُلَّما … تنفَّسَ شاكٍ أو تألَّم ذو وَجْدِ

تعرَّض رسْلُ الشوقِ والرَّكبُ هاجدٌ … فتُوقِظني من بينِ نُوَّامِهم وَحْدي

وما شَرِبَ العُشَّاقُ إلا بَقِيَّتي … وما وَرَدوا في الحبِّ إلَّا على ورْدي

وقال: [من البسيط]

يا قلبُ ما أنتَ من نجدٍ وساكنِهِ … خلَّفْتَ نَجْدًا وراءَ المُدْلجِ السَّاري

أهفو إلى البانِ تعلو لي خمائلُه (١) … من الحِمى في أُسَيحاقٍ وأطْمارِ (٢)

تفوحُ (٣) أرواحُ نجد من ثيابهِمُ … عند القدومِ لقُرْبِ العهدِ بالدَّارِ

يا راكبانِ قِفا بي واقضيا وَطَري … وحدِّثانِيَ عن نجد بأخبارِ

هَلْ رُوِّضَتْ قاعةُ الوعساءِ أمْ مُطِرَتْ … خميلةُ الطَّلْحِ ذاتِ البانِ والغارِ

أم هَلْ أبيتُ ودار عند كاظمة … داري وسُمَّارُ ذاكَ الحيِّ سُمَّاري

فَلمْ يزالا إلى أن نَمَّ بي نفَسي … وحدَّثَ الركبَ عنِّي دمعيَ الجاري

وقال أيضًا: [من الرجز]

يا نفسُ إِنْ عَنَّ المُرادُ فخُذي … إن كنتِ يومًا تأخذينَ أو ذَري

نُهزةُ مجدٍ كنتُ في طِلابِها … لمثلِها يَنْصُفُ ساقي مئزري

وكيفَ بالعيشِ الرَّطيبِ بعدَما … حَطَّ المشيبُ رحْلَهُ في شَعَري

عُمْرُ الفتى شبابُهُ وإنَّما … آونةُ الشَّيب انقِضاءُ العُمُرِ


(١) في الديوان ١/ ٥١٧: أهفوا إلى الركب يعلو لي ركابُهُمُ.
(٢) أُسيحاق؛ تصغير إسحاق، وهو من السَّحْق، والسحْق من الثباب: الخَلَقُ البالي. المعجم الوسيط (سحق). وأطمار؛ جمع طَمْر، وهو بمعنى أُسيحاق.
(٣) في الديوان: تضوع.