للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا كوكبًا ما كانَ أقصَرَ عُمْرَهُ … وكذا تكونُ كواكبُ الأسحارِ

وهلالُ ليلاتٍ مضى لم يستَدِرْ … بدرًا ولم يُمْهَلْ ليومِ سِرَارِ (١)

عَجِلَ الخسوفُ عليهِ قبلَ أوانهِ … فمحاهُ قبلَ مَظِنَّةِ الإبدارِ

فاستلَّ من أثوابهِ ولدَاتِهِ … كالمُقلَةِ اسْتلتْ من الأشفارِ

فكأنَّ قلبي قبرُهُ وكأنَّهُ … في طيِّهِ سِر من الأسرارِ

إنَّ الكواكبَ مع علو مَحلها … لتُرى صغارًا وَهْيَ غيرُ صغارِ

ولَدُ المُعَزَّى بعضُهُ فإذا مضى … بعضُ الفتى فالكلُّ في الآثارِ

جاورتُ أعدائي وجاورَ ربَّه … شتَّانَ بينَ جوارِه وجواري

أشكو بِعادَكَ لي وأنتَ بموضعٍ … لولا الرَّدى لسمِعْتَ فيه سِراري (٢)

والشَّرقُ نحوَ الغربِ أقرَبُ شُقَّةً … مِنْ بُعْدِ تلكَ الخمسةِ الأشبارِ

ولقد جَرَيتَ كما جَرَيتُ لغايةٍ … فبلغتَها وأبوكَ في المضمارِ

فلئِنْ نطقْتُ فأنتَ أولُ منطقي … ولئِنْ سَكَتُ فأنتَ في إضماري

ثوبُ الرياءِ يَشِفُّ عمَّا تحتَهُ … فإذا التحفْتَ بهِ فإنَّكَ عارِ

والهُوْنُ في ظِل الهُوَينا كامِنٌ … وجلالةُ الأخطارِ في الإخطارِ

قَدْ لاحَ في ليلِ الشبابِ كواكِبٌ … إنْ أَمْهَلَتْ آلَتْ إلى الإسفارِ

وَتَلهُّبُ الأحشاءِ شَيَّبَ مَفْرِقي … هذا الضياءُ شُواظُ تِلْكَ النَّارِ

من أبيات. وقال يمدح الشريف أبا عبدا لله محمد بن الحسين النَّصيبي نقيب النقباء بدمشق: [من الخفيف]

زارنا في دمشقَ من أرضِ نجدٍ … لكَ طيفٌ سرى ففَكَّ الأسرا

وأرادَ الخيالُ لَثْمي فصيَّرْ … تُ لِثامي دونَ المراشِفِ سِتْرا

فاختلينا بُدُورَ نجدٍ بأرضِ الشَّآ … مِ بعد الرُّقادِ بدرًا بدرا

ارحلي إنْ أردْتِ أوْ فأقيمي … أعظمَ الله للهوى فيَّ أجرا

لا تقولي لقاؤُنا بعدَ عشرٍ … لستُ ممَّنْ يعيشُ بعدكِ عشرا


(١) السِّرار: آخر ليلة من الشهر. العجم الوسيط (سرر).
(٢) السرار هنا جمع سِرّ، ويُجمع -أيضًا- على أسرار.