للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدرانُ أخو قِرْواش -وكان باغضًا لهما- فرآهما على رحيل، فدخل على أخيه وقال: بأيِّ رأيٍ تتركُ هذين الرجلين يخرجان عن يدِكَ وقد أخذا مالكَ وها هنا بعضُه مما يكون معونةً لك؟ فأرسل فقبضَ عليهما واعتقلَهما، فأمَّا ابنُ فهد فطُولِبَ بالمال فلم يُقِرَّ بشيء، فمات تحت الضرب، وأمَّا المغربيُّ فأرسلَ إلى قِرْواش يقول: إن كنتَ تُريدُ نفسي فهي بينَ يديك، وإن كنتَ تُريدُ المال فمالي بمصر والكوفة وبغداد، وتطيبُ نفسي بتسليمه إليك، فإن حفظتَ نفسي أعطيتُكَ المال وبالعاجل، فخُذِ الحاضِرَ من رَحْلي (١) وما معي. فخدَعه بالقول اللطيف والوعد، فانخدع له، وأخذَ موجودَه، وأطلقه، ثمَّ أصلحَ أمرَه بعد ذلك، وقد رُويَ أنَّ سليمانَ لم يُقتَلْ.

وفي صفر قُتِلَ أبو غالب الوزيرُ، قد ذكرنا أنَّه سار في ثالث صفر وراء الدَّيلم من واسط، وفي قلوبهم ما فيها من الحَنَقِ عليه بسبب ابنِ سَهْلان، فلمَّا صار بالمأمونية أُشير عليه أن يُقيمَ في الخيام ولا يدخُلَ البلد، فلم يقبَلْ، ونزل في البلد، فهجم عليه الدَّيلم في الدار وقتلوه، ونهبوا ماله، وتقرَّبوا به إلى سلطان الدولة؛ لأنهم كانوا مائلين إليه، فكانت مُدَّة وزارته ثمانيةَ عشر شهرًا وثلاثةَ أيام، وعمره ستين سنة وخمسة أشهر وثلاثةً وعشرين (٢) يومًا، وقبضَ مَرْدوست على ولده أبي العلاء، وصادرَه على ثلاثين ألف دينار.

وفيها وصل أبو كاليجار بن سلطان الدولة من فارس إلى الأهواز.

وفي رمضان قُلِّد القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السِّمناني الحِسْبَةَ والمواريث ببغداد.

وفي رمضان دخل سلطانُ الدولة شيراز.

وفيه تُوفِّي أبو منصور مَرْدوست بواسط، وكان حاكمًا على الدولة، قد ذكرناه في مواضع، وكان يعتريه ضجرٌ شديدٌ في أكثر أوقاته، فيُفسِدُ عليه أمورَه، وكان شرف الدولة قد عزم على قبضه؛ لكثرة مالِه والدالِّية عليه وانبساطِه، فحالت المنيَّةُ بينَه وبينَه، وحُمِلَ تابوتُه إلى بغداد، فدُفِنَ بمقابر قريش.


(١) المثبت من (م): وفي باقي النسخ: رحل.
(٢) في (ف): وثلاثة عشر.