للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها تُوفِّي

أحمد بن محمد (١)

ابن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، أبو الحسن، القرشي، الأموي، قاضي القضاة، ولي قضاء [البصرة قديمًا، ثم وَليَ قضاء] (٢) القضاة بعد ابن الأكفاني في ثالث شعبان سنة خمسٍ وأربع مئة، ولم يزل على القضاء إلى حين وفاته، وكان عفيفًا، نزهًا، جليلًا، شريفًا.

قال القاضي أبو العلاء الواسطي: ما رأينا مثلَه جلالةً وصيانةً وشرفًا.

وقال علي بن محمد بن حبيب البصري: كان بيني وبين القاضي أبي الحسن بن أبي الشوارب بالبصرة أُنسٌ كثير، بحيث إنه كان يَعُدُّني ولدًا وأعُدُّه والدًا، فما علمتُ له سرًّا قطُّ لو اطُّلع عليه لا ستحيى منه، وكان بالبصرة رجلٌ من وجوهها، واسعَ الجاه، كثيرَ المال، يُعرف بأبي نصر بن عبدويه، دخلتُ عليه عائدًا في عِلَّة الموت، فقال: في صدري سِرٌّ أُريد إطلاعَكَ عليه؛ لمَّا ولِّيَ القاضي أبو الحسن ابن أبي الشوارب القضاءَ بالبصرة في أيام بهاء الدولة، وكان بيني وبينه من المودة ما شُهْرَتُه تُغني عن ذِكْرِه، مضيتُ إليه وقلتُ له: قد علمتُ أنَّ هذا الأمر الذي تقلَّدْتَه تحتاجُ فيه إلى مؤنةٍ كبيرةِ وقد أحضرتُكَ مئتي دينار، وإنَّني -واللهِ- لا أطلبُ منكَ قضاءً ولا شهادةً، ولا بيني وبين أحدٍ خصومةٌ أحتاج إليك عند المرافعة، وإن قدَّمني إليك خصمٌ فباللهِ عليك إلا حكمتَ عليَّ في ذلك كما تحكم على بعض الشهود، فإنْ قبِلتَ هذه الدنانير بسبب المودَّة التي بيننا فأنتَ في حِلٍّ منها في الدنيا والآخرة، وإن كرهتَ قبولَها على ذلك الوجه فهي قرضٌ لي عليك، فقال: واللهِ إني لَمحتاجٌ إليها، ولكن لا يراني اللهُ أنِّي قبِلتُ إعانةً على هذا الأمر، وأنشدُكَ اللهَ [ما] أطلعتَ على هذا السر ما دمتُ في الدنيا أحدًا. قال: فواللهِ ما ذكرتُ هذا لأحد قبل يومي هذا. قال ابن حبيب: ومات ابن عبدويه من يومه.


(١) تاريخ بغداد ٥/ ٤٧، والمنتظم ١٥/ ١٧٧،. وتنظر مصادر الترجمة في السير ١٧/ ٣٥٩
(٢) ما بين حاصرتين من (ف). ومصادر الترجمة.