للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَيَّافارقين" أنَّ الحسين بن علي خرج من الموصل ومعه سليمان بن فهد، وأنَّ قِرواشًا لم يقتُلْه، وأنَّ سليمان أقام عند ابن مروان في ضيافته حتى أصلح حالهُ مع قِرْواش، وعاد إليه. وقيل: إن الحسين قَدِمَ بغداد ووَزَرَ لمشرِّف الدولة، ثم عاد إلى ميَّافارقين، فأقام عند مروان [حتى مات] (١) عنده، وكان [الحسين] عاقلًا فاضلًا، شهمًا شجاعًا، شاعرًا، كافيًا في فنِّه، حتى قيل: إنَّه لم يَلِ الوزارةَ لخليفة ولا لملك أكفى منه، ولا أحسنَ سياسةً، وكان إذا دخل عليه الفقيهُ سأله عن النَّحْو، والنحويُّ سأله عن الفرائض، والشاعرُ سأله عن القراءات تبكيتًا لهم، فدخل عليه شيخٌ صالحٌ، فسأله عن العلم، فقال: ما أدري، ولكني رجلٌ يُودِعني الغريبُ الذي لا أعرفهُ الأموال العظيمةَ، ويعودُ بعد سنين وهي بختومها [قال] فأخجله لذلك.

وزار رجلًا من المنقطعين إلى الله، فقال له: أيها الشيخ، لو صحِبْتَنا لاستَفَدْنا منكَ، واستَفدْتَ مِنَّا. فقال: رَدَّني عن هذا بيتٌ [من] شعر، وهو قول القائل: [من الطويل]

إذا شِئْتَ أن تَحيا غنيًّا فلا تكُنْ … بمنزلةٍ إلَّا رضيتَ بدونها

فقال له: يا شيخ، ما هذا بيتُ شعر، ذا بيتُ مال. ثم قال: اللهمَّ أغْنِنا كما أغنيتَ هذا الشيخ. واعتزل السلطانَ، وانقطع إلى العبادة، فقيل له: [لو] تركتَ المناصب في عنفوان شبابِكَ. فقال: [من الخفيف]

كنتُ في سفرةِ البطالةِ والغـ … ــــيِّ زمانًا فحانَ مني قدومُ

تُبْتُ عن كلِّ مأثمٍ فعسى يُمْـ … حي بهذا الحديثِ ذاكَ القديمُ

بعد خمسٍ وأربعينَ لَقدْ ما … طَلْتُ إلَّا أنَّ الغريمَ كريمُ

[وله الأشعار المستحسنة، وذكر الخطيب (٢) وابن عساكر طرفًا منها، وأنبأنا غير واحدٍ عن أبي القاسم السمرقندي قال: أنشدني أبو محمد التميمي للوزير أبي القاسم بن المعزى هذه الأبيات] فقال: [من المجتث]


(١) ما بين حاصرتين من (ف).
(٢) لم أقف على ترجمة له عند الخطيب في تاريخ بغداد.