للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "تاريخ ميَّافارقين" أنه كتب كتابًا إلى النقيب بالكوفة ليدفنه في عتبة باب المشهد، وقال للنقيب في الكتاب: وقد أوصيتُ أن يُجعلَ في التابوت ألف دينار في كيس، فإذا وصل إليك التابوتُ فافتَحْه، فهي العلامة، وأوصى إلى أبي طاهر محمد بن عبد الرحيم بن نُباتة صاحب الخُطَب وعرَّفه بما يجعل في التابوت، ومات، فغسَّله الخطيبُ، وجعل المال في التابوت، فلما وصل [إلى] الكوفة قال النقيب: من هذا؟ قيل: الوزير المغربي. [فأنكر ذلك و] قال: [أنا] لي فيه علامةٌ: ففتح التابوتَ فوجدَ الكيس، فأخذه ودفنه تحت العتبة، وكتب عند رأسه: يا جامع الناس لميقات يومٍ معلوم، اجعَلِ الحسين بن علي من الفائزين.

ورأيت في "تاريخ ميَّافارقين" عن أبي الحوار الواسطي قال: أوصى الوزير أن يُحمَلَ إلى مشهد الحسين بن علي Object، ويُدفَنَ تحت رجلَي الحسين Object، وأن يُكتَبَ عند رأسه بيتين وهُما له فقال: [من مجزوء الرجز]

سقى الإلهُ الأزلي … من السحابِ الهُطَّلِ

قبرَ الحسينِ بنِ علي … عندَ الحسينِ بنِ علي

ففعلوا به ذلك. [قلت: وهذه الرواية أحسن] وقيل: إنه مات [في] سنة ثمان وعشرين وأربع مئة. وقال ابن عساكر: كان مع أبيه بمصر، فلمَّا قَتلَ الحاكمُ أباه وعمَّه بمصر هرب، فاستجار بحسان بن المُفَرِّج بن دَغْفَل بن الجرَّاح الطائي، ومدحه، فأجازه، وأقام عنده مُكرَّمًا، ثم رحل عنه، وتوجَّه إلى العراق، واجتاز بالبلقاء، ووَزَرَ لِقِرْواشٍ أميرِ بني عقيل، ولابنِ مروانَ صاحبِ ديار بكر. وكان أديبًا، شاعرًا، فاضلًا، مترسِّلًا، ذا معرفةٍ بصناعة الكتابة والإنشاء والحساب، ومن شعره: [من الكامل]

من بعْدِ وصلٍ رُمْتُمُ أنْ تهجُروا … من بعد فرقٍ بائعين تخيَّروا

ردُّوا الفؤادَ كما عهدتُ إلى الحشا … والمُقلتين إلى الكرى ثم اهجروا

وزعمتمُ أنَّ اللَّيالي غيَّرَتْ … عهدَ الهوى لا كانَ مَنْ يتغَيَّرُ