للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: [من السريع]

عهدتُكمُ من يومِ عاهدتُكُمْ … ما تعرِفوا شيئًا سوى الغَدْرِ

فما لكم حينَ نذرتُمْ دمي … صِرْتُمْ من الموفينَ بالنَّذرِ

[ومن الكامل]

يا حامليهِ توقَّفوا بسريرهِ … للهِ في ذاكَ السَّريرِ سرائِرُ

قال ابن عساكر: كان عبد المحسن قد سمع الحديث بعسقلان، غير أنه لم يُحدِّث، وكان أبو الفتيان بن حيُّوس مُغْرًى بشعره، يُفضِّله على أبي تمام والبحتري وغيرِهما من المتقدمين، واجتمع بأبي العلاء المعَرِّي، وكان يعيب الصوري بقِصَر النَّفَس، فأنشد المعَرِّيُّ أبياتًا للصُّوريِّ وقال: هذا القصيريُّ. فقال له أبو الفتيان: هذا أشعَرُ من طويلِكَ يعني المتنبي. فقال المعرِّي: الأمراء لا يُناظَرون.

وكان أبو الفتيان يقول: إنَّ أغزَلَ ما قيل قولُ جرير (١):

إنَّ العيونَ التي في طَرْفِها مَرَضٌ (٢) … قتَلْنَنا ثم لم يُحيينَ قَتلانا

يَصْرعْنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حَراكَ بهِ … وهُنَّ أضعفُ خلقِ الله أركانا (٣)

قال الصوري: أغزل [منها] (٤): [من مجزوء الرمل]

بالذي أَلْهَمَ تعذيـ … بي ثناياكَ العِذابا

ما الذي قالتْه عينا … كَ بقلبي فأجابا

وكان أبو الفتيان يقول: إنِّي لَيعرُض لي الشيءُ من شعر أبي تمامٍ والبُحتريِّ وغيرِهما من المتقدِّمين، ولا أقدر على أن أبلغ موازنة الصُّوري؛ لسُهولة لفظه، وعُذوبة معانيه، وقِصَرِ أبياته. وقال الصُّوري: [من الكامل]


(١) ديوان جرير ص ٤٩٢.
(٢) في الديوان وغيره من المصادر الشعرية: حَوَرٌ، والمثبت موافق لما في تاريخ دمشق.
(٣) في (ت): إنسانا، والمثبت موافق لما في الديوان وغيره.
(٤) هذه الزيادة من تاريخ دمشق.