للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي ذكرنا أنها تسَعُ خمس مئة ألف إنسان، فصالحه صاحبُها (١) على خمس مئة فيل وثلاثةِ آلاف بقرة، وبعث محمود إلى الملك قَباءً وعِمامةً وسيفًا ومِنْطَقَةً وفرسًا بمركب ذهب، وخاتمًا عليه اسمُه، وأمره أن يقطع أصبُعَه، وهي عادة التوثُّق (٢) عندهم، وكان عند محمود عِدَّةُ أصابع ممَّن هادنه، فلبس الخِلْعةَ، وأخرج حديدةً فقطع بها أصبعه الصغرى من غير أن يتغيَّر وجهُه، وأحضر دواءً فطرحه عليها وشدَّها.

وغَنِمَ محمود من الهند أموالًا لم يغنَمْها غيرُه [وقبضَ على رستم بن علي بن بُوَيه صاحب الريِّ، وكتب إلى القادر أنَّه وجد عنده خمسين امرأةً، وقد ذكرنا القصة]. وخُطِبَ له في عامة بلاد المشرق، وعقَدَ جسرًا على جَيحون غَرِمَ عليه ألفي ألف دينار، ولم يقدِرْ على ذلك غيرُ الإسكندر، وكان في عسكره ألفُ فيلٍ يُقاتل عليها، وبلغَتْ جريدةُ عساكره مئةَ ألف فارسٍ وراجلٍ، وحُمِلَ إليه من النَّسْناس بِغَزْنة (٣) شخصان، والأتراك يصيدون النسناس ركضًا على الخيل؛ لِشدَّة عَدْوهم، فإذا قصروا أخذوهم، وللنسانس قضيبٌ -يخرج من بين الشَّعر الَّذي على جسده إذا أنْعَظَ (٤) - أحمرُ مثلُ قضيب الكلب، ويغوِّط كما تغوِّط البهائم، ولحومُهم أطيبُ اللحوم، فاستفتى محمود الفقهاءَ، فقالوا: لا يجوز أكلُ لحومِهم، وهم يَصْفِرون مثل الوحش، ويَرْعَون الحشيش.

ذكر وفاة محمود:

عرض له سوءُ مزاج وانطلاقُ بطنٍ، وهو على غزواته لا ينثني، فلمَّا نزل به الموتُ أحضر الجواهرَ التي اقتناها من ملوك خُراسان وما وراء النهر و [عظماء] التُّرك والهند، وكانت سبعين رطلًا، فصُفَّتْ بين يديه، فلمَّا رآها بكى بكاءً [شديدًا]، (٥)، فتحسَّر


(١) في (م): ملكها.
(٢) في (خ): وهي عادية الهدية! والمثبت من باقي النسخ.
(٣) هذه الكلمة في (خ) وحدها وتحرفت فيها إلى: بعنزية، والتصويب من المنتظم ١٥/ ٢١٢، والسير ١٧/ ٤٩٤ وغيرهما من المصادر.
(٤) أَنعظَ الذَّكرُ ونَعَظَ: قام. اللسان (نعظ).
(٥) هذه الزيادة من (م).