للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهم، وكان محمود يرى للمِيمَندي ذلك، ودخل عليه يومًا وقال: يا مولانا، قد وصلتُ ابنتي بابن أخي، وأريد الغلمان يحضرون عندي. فقال: نعم، وما يُستكثر لك. وكان يوسف أخو محمود حاضرًا، فقال محمود للمِيمَندي: ما اسمُ العروس؟ فقال: أزليخا. قال: والصِّهر؟ قال: أحمد. فقال له محمود: لا تظلِمْها، فإنَّ الله زوَّجَ يوسفَ بأزليخا، وقد رأيتُ أن أُزَوِّجَها بأخي. فقبَّلَ الأرض وقال: هذا أمرٌ ما حدَّثْتُ به نفسي قطُّ؛ لأنه أكبرُ من قدري. وقال محمود ليوسف: ما ترى في هذا الأمر؟ فقال: السلطان المُعظَّم يملك نفسي. فقال محمود للمِيمنَدي: غدًا أجيء عندك. فقبَّلَ الأرضَ ومضى، فلمَّا كان من الغد جاء محمود وأخوه يوسف إلى دار المِيمندي، فأكبر الناسُ ذلك، فقال محمود: لا بُدَّ من تشريف أخي بحضوري. ثم عقد العقد، وأكلوا وشربوا، واستدعى محمودٌ ابنَ أخي المِيمَندي وقال: كسَرْنا قلبَكَ، هذه ألفُ دينار، اشتَرِ بها جاريةً حسناء، ونحن نُحسِنُ إليك فيما بعدُ. وعظُمَتْ منزلةُ المِيمَندي، وتزايد محلُّه، ثم قبضَ عليه محمود بعد ذلك واستأصله، وأخذ منه ألفَ ألفِ دينار، وحبسه في القلعة، وسببُه أنَّه دعاه إلى ضيافته، ووضع بين يديه قرصًا مسمومًا، فغمز بعضُ غِلمان المِيمَندي محمودًا، فأمر برفعه، وتغيَّر وجْهُ المِيمَندي، وقام محمود فأطعم منه حيوانًا فمات، وأراد المَيمَندي أن يقتل محمودًا ويُجلِس أخاه يوسف مكانَه، فقال محمود: ما جازانا المِيمَندي. واستشاره محمود في قطع جَيْحون، فأشار عليه بعبوره، فغرم ألفي ألف دينار، ولم يحصُل له غرض، فقال للمِيمَندي: أنت غرَّرتني، وغرَّمه إيَّاها، ولم يقتُلْه مراعاةً لما فعل معه قديمًا، وأقام محبوسًا في القلعة حتَّى مات محمود، وأطلقه مسعودٌ واستوزَرَه.

وكان محمود رَبْعةً من الرجال، صغيرَ العينين، أشقرَ الشعر، مستديرَ اللحية، خفيفَ العارضين، قد وخَطَه الشيبُ فيها، وكان يتوصَّل إلى أخذ الأموال بكل حيلة (١)، وكان بنيسابور رجلٌ تاجرٌ له مالٌ عظيم، فاستدعاه إلى غَزْنة وقال: بلَغَنا أنك قِرْمطيٌّ. فقال: واللهِ


(١) بعدها في (خ) عبارة: وكان أمر الذين من أخذ النواويس في ذلك. ولم نتَبيّنها، والخبر في الكامل ٩/ ٣٩٩.