للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونريد [أن] (١) نقطع خطبتَه، فخرج الجواب: أنَّنا على النيَّة التي تعرفونها في المراعاة لكم، وهذا الرجل مولاكم، وشيخُ بني بُوَيه اليوم، وله في عُنُقِنا عهودٌ، وإذا أنكرتم منه أمرًا ردَدْناه عنه. فانصرفوا غيرَ راضين، فلمَّا كان من الغد حضر قومٌ منهم جامع الرُّصافة، ومنعوا الخطيبَ من ذِكْرِ الملك، وضرب أحدُهم يدَه بخشبة زوبين، وخاف الناسُ الفتنةَ، فتفرَّفوا من غير صلاة، وتكرَّرتِ الرسائلُ بالشَّكوى إلى الخليفة والحُجَّاب، ثم تقرَّر الحالُ في التوسُّط بينهم، فاجتمع الأكابر، وضَمِنوا عن الملك ما اقترحَ الغِلمانُ، فسكنوا، وخرج توقيعُ الخليفة يقول بأن لبني بُوَيه علينا حقوقًا وعهودًا يلزمُنا الوفاءُ بها، ولم يَبْقَ منهم إلا جلالُ الدولة شيخُهم المقيمُ عندنا، وأبو كاليجار ابنُ أخيه المقيمُ بالأهواز، والأَوْلى أن تعرِفوا حَقَّ مولاكم الحاضِرِ عندكم، والمتولِّي لأموركم، وتقبلوا من أكابركم، ونحن نكتبُ إلى جلال الدولة بما ذكرتُم، ونبعثُه على النظر في أموركم، وكتب الخليفة إليه، فجاء الجواب: قد كُنَّا في قُطرٍ من المملكة وأمورُنا مستقيمة، وهيبتُنا قائمة، ومواردُنا دارَّةٌ، ومعنا أموالٌ ووزيرٌ وخيلٌ وغِلمانٌ وتجمُّلٌ، فدعونا إلى هذه الحضرة، فتركنا الأمور على حالها، وأقررنا الجماعةَ على رسومها، ولم نتعقب أحدًا بإزالةِ نعمة، ولا أخذناه بتقديم إساءة، ثم اقترح علينا صرفَ الوزير الَّذي كان معنا المتخرم بنا، ففعلنا، وولَّوا من أرادوه، وتوجَّهنا إلى الأهواز، فغنموا ما غنموا من الأموال، ولم يُتعرَّضْ لهم، ولم يقنعوا حتَّى طالبونا مطالبةً أخذوا بها ما كان حصل لنا، وأقمنا على أصعب خِطَّة (٢)، والآن فلا مال في أيدينا، والمطالبة لنا به ضربٌ من العبث، فإن قصدوا الصلاح فطريقه واضح، وإن أرادوا التجنِّي فما يُدفع بشيء، ونسألُ اللهَ حُسنَ المعونة.

فقُرئ الكتاب، فبعضُهم قال: صدق، وفريقٌ قالوا: أَيش نعمل. وانفصل الحالُ أنَّ الملك وحاجبَ الحُجَّاب والأكابرَ ينحدرون إلى واسط ليُدبِّروا أمر البصرة، ويكون بعد الإفطار، وسكنت الفتنةُ، واستمرَّت الخطبة للملك.


(١) هذه الزيادة من (ف).
(٢) في (ف): على أضعف خطبة.