للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رمضان قُبِضَ على الوزير كمال الدولة أبي الفضل بن فسانْجس.

وفيه وصل جلال الدولة إلى الأنبار، فهلك معه خلقٌ كثيرٌ من العطش، وعبر إلى الجانب الغربي من الفرات آخذًا بالاحتياط، مانعًا الذين معه من الانصراف إلى بغداد، وراسل دُبيسًا، وكان أبو كاليجار بالأهواز، والأجَلُّ العادلُ يَحرِفُه عن العراق، لقلة رغبته فيه وإلفِه لشيراز، وكُتُبُ الحاجب متواترةٌ إليه بالقدوم، ولمَّا علم الحاجبُ بوصول الملك إلى الأنبار أسرى في سِرْبه، فبلغ عَقَرْقُوف ثم عاد.

وفيه قبض الحاجبُ على إبراهيم بن عبد الله قاضي كَلْواذى (١)، لأنه بلغه أنَّه خرج إلى الملك في رسالة من الخليفة [يستوحش أن يجيزه بجميل اعتقاده، ويحلف أنَّ الأمر الَّذي دبَّره الحاجب لم يعلَمْ به، وبلغ الخليفةَ] (٢)، فأنكر، وطلب القاضي، فبعث به إليه، فسُئِلَ عَمَّا قيل عنه، فأنكر، وكُتِبَ محضرٌ في الديوان بإنكاره، وردَّه إلى الحاجب، فأعاده إلى الاعتقال، وبعث إلى الخليفة يقول: قد اختلَّ هذا الأمر، وانحلَّ هذا النظام بإنفاذ هذا القاضي إلى الأنبار، فأنكر الخليفة، وجرى في هذا كلام طويل.

وفي ذي القَعْدة ورد الخبر بوصول جلال الدولة إلى السِّنْدية (٣)، فركب الحاجبُ في الأتراك، وهم عددٌ يسير، وكانوا قد تفرَّقوا، ثم عاد وعبر إلى باب الأزج، وانحل أمرُه، وخرج من بغداد، ودخلها جلال الدولة في نصف ذي القَعْدة، وكثُرتِ الأراجيفُ بأنَّ أبا كاليجار عاد إلى فارس والأجَلُّ العادلُ بالأهواز، وهذا أوجَبَ انحلال الأمر، وكان مع الملك دُبَيس والحسنِ بن أبي البركات بن ثُمال والبساسيري وأعيان القُوَّاد، وبعث الملك البساسيري في جماعة من القُوَّاد والعرب بني شيبان لاتباع الحاجب، وقد نزل بدير العاقول، فرحل وتبعوه وناوشوه القتال، وكانوا قد كتبوا إلى جلال الدولة يستمدُّونه، فسار بنفسه، فقطع ثلاثةً وأربعين فرسخًا في يومين، ووقف ما كان معه من الدواب، فلمَّا رآه الحاجب حمل حملاتٍ كثيرة، وكان معه


(١) كَلْواذى: ناحية من نواحي بغداد. معجم البلدان ١/ ٤٧٧.
(٢) ما بين حاصرتين من (ف).
(٣) السِّندية: قرية من قرى بغداد. معجم البلدان ٣/ ٢٦٨.