للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: سمعًا وطاعةً للأوامر الشريفة. ومضت السيدةُ والدةُ الخليفة في الزبازب إلى دار المملكة، وراسلت (١) زوجةَ السلطان في تسليم خاتون، فأرسلت (٢) بها إليها من غير أن تخرج إلى أم الخليفة، فانحدرت بها، ودخلت من باب الغربة، وقد ضربَتْ سُرادقاتٍ على دِجْلة، ودخلت خاتونُ على الخليفة، وقبَّلتِ الأرضَ مرارًا، فأدناها إليه، وأجلسها إلى جنبه، وطرح عليها فَرَجِيّةً مطمومةً بالذَّهب كانت عليه، وتاجًا مُرصَّعًا بالجواهر، وأعطاها من الغد مئةَ ثوب من الديباج وقصب الذهب، وطاسةَ ذهب مُثبتًا فيها الياقوت والفيروزج، وعِقْدَ حَبٍّ له قيمة، وبعث السلطان لزوجته بنت أبي كاليجار بن بُوَيه هديةً عشرةَ أحمال ثيابًا وآلاتٍ وصناعاتٍ وغيرَها، وأمر بحملها إلى الري، وأمر السلطانُ الأتراكَ الذين ببغداد بالمسير إلى خراسان، فشقَّ عليهم، وتضرَّعوا فلم يُغْنِ شيئًا، ووقفوا للسلطان، فخاطبهم بالجميل ثم سكت عنهم، وهؤلاء هم الذين أخذوا بغداد، وابتدأ طُغْرُلْبَك بعمارة سور عريض على داره، دخل فيه قطعة كبيرة من الحرم ودار الفيل، وجمع الصنَّاع لتجديد دار المملكة العَضُدية، وبنى عليها الأبراج، وخَرِبت الدور والمحالُّ والأسواق المجاورة لها بالجانب الشرقي، وقُلِعت أخشاب دور الأتراك من الجانب الغربي وحُمِلت إليها.

وفيها عمَّ الوباء والقحط ببغداد والشَّام ومصر والدنيا، وكان النَّاس يأكلون الميتة، وبلغت الرمانةُ والسفَرْجَلَةُ دينارًا، وكذا الخيارة واللينوفرة، وانقطع ماء النيل بمصر، فكان يموت كلَّ يوم عشرةُ آلاف، وباع عطارٌ بمصر في يوم ألفَ قارورة شراب، وعمَّ القحط في الدنيا كلها.

[وقال محمَّد بن هلال بن الصابئ: وقفت على كتاب ورد من مصر] (٣) أن ثلاثة من اللصوص نقبوا نقبًا، فوُجِدوا عند الصباح موتى [كلُّهم] أحدهم على باب النقب، والثاني على رأس الدرجة، والثالث على الثِّيابِ المكوَّرة (٤).


(١) بعدها في (خ) و (ف) -والخبر فيهما- زيادة: خاتون، وهي زيادة مقحمة، والله أعلم.
(٢) في (خ): فراسلت، والمثبت من (ف).
(٣) في (خ) و (ف): وورد كتاب من مصر.
(٤) في (خ) و (ف): الكارة، والمثبت من (م) و (م ١)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٦/ ٦.