للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي غُرَّة صفر كان بين مَنيع بن شبيب بن وثَّاب النُّميري صاحب حَرَّان وبين مُعِزِّ الدولة أبي علوان ثِمال بن صالح بن الزَّوقلية صاحب حلب حربٌ على الرقة، وكانت لشبيب والد منيع، واتَّفق أنَّه مات وخلف منيعًا صغيرًا، وتزوجت أمُّه بثِمال، وسلَّمتِ الرقة إليهِ، فلمَّا كبر ولدُها وانضافت إليه القبائل واسترجع حَرَّان، وكتب [له] (١) طُغْرُلْبَك المنشور وبعث إليه الخِلَع أرسل إلى ثِمال يطلب الرقة، فمنعه، فقامت الحربُ بينهما.

وفي يوم الأربعاء ثاني عشر صفر تقدَّم رئيس الرؤساء بنصب أعلام سود في الكَرْخ، فخاف أهلُه، وكان مجتهدًا في هلاكهم وعميد الملك يمنعه.

وفي صفر ورد الخبرُ بأنَّ البساسيري على عزم المسير إلى بغداد، فعزم السلطان بنفسه على المسير إلى الرحبة، فمنعه رئيس الرؤساء، وقال: بعض الإسْفَهسلارية يفعل هذا.

وفيها سار مقبل [بن بدران] (٢) أخي قُرَيش (٣) من بغداد إلى الجزيرة والخابور والرحبة ومعه ابن وَرَّام وجماعة العرب والأكراد إلى البساسيري، داخلين في طاعته، ومفارقين قريشًا، نافرين عنه، وسببه أنَّ البساسيري كان اصطنع مقبلًا، وأخذ له خِلْعةً من الملك الرَّحيم لمَّا كان بواسط، وسلَّم إليه البلاد العليا التي كان البساسيري انتزعها من قريش، وحصلت بينه وبين أخيه وحشة، فلمَّا قرب طُغْرُلْبَك من بغداد ومضى البساسيري إلى الرحبة خاف مقبلٌ من أخيه، فصالحه ونزل عليه، وفي نفس كلِّ واحد منهما على صاحبه، فلمَّا سار البساسيري إلى الرحبة صار قريش ونور الدولة بن مَزْيَد في طاعة طُغْرُلْبَك طمعًا في حراسة بلادهما من النهب، فوضع مقبل العرب على أن قالوا لقريش: أليس هؤلاء الغُزَّ الذين قتلنا في سنة خمس وثلاثين أولادَهم وأصحابَهم وسبيناهم، ولهم في رقابنا دماءٌ يطلبونها؟ فإن دخلنا في زمرتهم سلَّمنا إليهم أرواحَنا وأهلَنا وأموالنا وبلادَنا. فقال لهم قريش: أنتم مُحِقُّون في قولكم، غير أنَّ هذا سلطانٌ


(١) هذه الزيادة من (ف).
(٢) ما بين حاصرتين من الكامل ٩/ ٦٢٦.
(٣) في (خ): دبيس، والمثبت من (ف).