للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال وهب بن منبِّه: كان عيسى يمشي على وجه البحر، ولم يكن أحبُّ إليه من أن يقال له: يا مسكين.

فصل في واقعات عيسى وهي كثيرة (١)

فمنها: ما حكاه وهب قال: لمَّا ذهب يُوسف النَّجار بعيسى وأُمِّه إلى مصر نزلوا على دِهْقَان، فسُرِقَ له مالٌ، فضاق صدر مريم، فقال لها عيسى وكان قد ترعرع: لا تَحْزَني وقولي للدهقان يجمع مساكين داره، فجمعهم وفيهم رجلان أعمى ومُقْعد، فأمر عيسى بحمل المقعد على عاتق الأعمى وقال له: قم به، فقال الأعمى: لا أقدر وإنِّي ضعيف. فقال له عيسى: كيف قويت البارحة على حمل المال الذي أخذته أو على حمل المقعد إلى الخزانة حتى أخذ المال، فأنكر فضربوه فأقَرَّ وردَّ المال.

ومنها: ما رواه عِكرمة قال: كان عيسى (٢) يحدِّث الصبيان في المكتب بما يأكلون في بيوتهم، فيخبرون أهاليهم فيقولون لهم: إيَّاكم وهذا السَّاحر، وحبسوا الصبيان في بيتٍ، وجاء عيسى يطلبهم فقالوا: ليس ها هنا، قال: فما في هذا البيت؟ فقالوا: خنازير، فقال عيسى: خنازير إن شاء الله، ففتحوا البيت وإذا بهم خنازير.

ومنها: ما حكاه الكَلبي قال: أسلمتْ مريمُ عيسى إلى صبَّاغين بعدما خرج مِن الكُتَّاب فاجتمع عند المعلِّم ثيابٌ كثيرة وعرض له سفر فقال لعيسى: أنا مسافر وعندنا ثيابٌ مختلفة الألوان وقد علَّمتُ على كل ثوب فيها بخيط على اللون الذي يُصبغ به، فلا أقدمُ إلا وقد فرغتَ منها، ثم سافر وأخذ عيسى الثياب فجعلها في جُبِّ واحد على لون واحد وقال لها: كوني مختلفة الألوان بإذن الله على ما أُريد، وقَدِم أستاذه فقال: أين الثياب، فقال: في الجُبِّ الفلاني، فقال: لقد أفسدتها عليَّ، وخاف الأستاذ، فقال له: على رِسْلك، ثم أدخل يده في الجُبِّ وأخرج الثياب كل ثوبٍ على لون الخيط الذي كان عليه من بين أحمر وأصفر وأخضر وغيره، فآمن به الصبَّاغ هو وأصحابه فيقال: إنهم الحواريُّون.


(١) انظر عرائس المجالس ٣٩٥.
(٢) في (ك) يحيى.