للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها دخل الأمير أبو منصور بن الملك أبي كاليجار على الوزير هبة الله بن أَحْمد النسوي إلى داره بشيراز ومعه الديلم، فقتله في دَسْته، وقتل أصحابه، ونهب ماله وأسبابه، وكان هذا الوزير جلدًا شهمًا، واسع الصدر، عزوف النفس، وهو كان السبب في تملُّك هذا القاتل شيراز وردِّه إليها بعد خروجه منها دفعات، وتكفَّل به وبأخيه أبي سعد تكفلًا أخلص ونصح فيه، ولم يعرف سبب قتله.

وسار السلطان إلى الجزيرة وحاصرها، فلاذَ أهلُها بالعفو، وقرَّروا على نفوسهم مالًا، فقُبِلَ منهم، وتقدَّم بعضُ العساكر إلى ميَّافارقين وقد خرج ابن مروان منها إلى آمِد، فنهبوها ودخلوها، وقتلوا وسبَوا، وبعث ابن مروان إلى إبراهيم ينَّال، واستجار به، فوعده أن يشفع فيه إلى السلطان.

و [فِي هذه السنة] صَعِد عشرون غلامًا (١) من الغُزِّ إلى دير النصارى في بلد ميَّافارقين فيها أربع مئة راهب، فذبحوا منهم مئة وعشرين، واشترى الباقون نفوسَهم بستِّ مكاكيك ذهبًا وفضة.

وفي شعبان نادى عميد الملك: لا يبقى غدًا أحدٌ إلَّا ويحضر إلى دار المملكة، فلم يتخلَّف أحد، وشرعوا في تتمة السور الجديد، وعمل فيه القضاة والشهود والطالبيون والعباسيون والتجار وغيرهم، [وكان القضاة يعملون والطيالس عليهم ينقلون فيها الآجرَّ والتراب].

وفي شعبان ورد دُبيس إلى هِيت قاصدًا بلاده، متسلمًا لها، وعاد قريش إلى الرَّحبة يريد البساسيري، وكان قد قال لدُبيس: أَنْتَ تنحدر إلى بلادك، وقد خَلَتْ من العساكر، فيمكنك المُقام بها وعمارتها، وأما أنا فبلادي خراب، والسلطان فيها، وما أرى من نِيَّتِهِ ما تطيب به نفسي، وأنا قاصد الرَّحبة، وأدبِّر أمري مع أبي الحارث.

وفي هذا الوقت نظر عميد الدولة (٢) في المارستان العضُدي، وكان قد خلا من دواء وطبيب وشراب، وكان المرضى على وجه الأرض، وعند رأس المريض بصلة يشمُّها، وعطش أحدهم فقام بنفسه إلى جُبِّ الماء فوجده حمأة ودودًا، وكان أبو الحسين بن


(١) في (م) و (م ١): رجلًا.
(٢) في (م) و (م ١): عميد الملك.