للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَرِ (١) الناسَ واصحَبْ وَحْشَ بَيداءَ قَفرةٍ … فإنَّ رِضاهُم غايَةٌ ليس تُدرَكُ

إذا ذكروا المخلوقَ عابوا وأطنَبوا … وإن ذكروا الخَلَّاق حابوا وأَشرَكوا

كَلِفْتَ بِدُنياكَ الَّتي هي خُدعَةٌ … وهلْ خُلَّةٌ منها أغَرُّ وأفرَكُ

إذا فاتَكَ الإثراءُ من غيرِ وَجهِهِ … فإنَّ قليلَ الخَلِّ خيرٌ (٢) وأَبرَكُ

وقال: [من الطويل أيضًا]

تسمَّى رجالٌ بالملوكِ سفاهةً … ولا مُلْكَ إلَّا للَّذي خلقَ المُلْكا

أرى فلكًا ما دارَ إلَّا لحكمةٍ … فلا تنسَ مَنْ أجرى لحاجَتِكَ الفُلْكا

وقال: [من البسيط]

في الوحدةِ الراحةُ العظمى فأحيِ بها … قلبًا وفي الكونِ بين الناس أثقالُ

إنَّ الطبائعَ لمَّا أُلِّفَتْ جَلَبَتْ … شرًّا تولَّدَ منه القيلُ والقالُ (٣)

وقال: [من السريع]

كم تنصحُ الدنيا ولا نقبَلُ … وفائزٌ مَنْ جَدُّهُ مُقبِلُ

إنَّ أذاها مثلُ أفعالِنا … ماضٍ وفي الحالِ ومُستقبَلُ

أجبَلَتِ الأبحرُ في عصرِنا … هذا كما أبحَرَتِ الأجبُلُ

فاتْرُكْ لأهلِ المُلكِ لذَّاتِهمْ … فحسبُنا الكمأةُ والأحبُلُ (٤)

ونشربُ الماءَ براحتِنا … إنْ لم يكُنْ في بيننا جُنْبُلُ (٥)

لا تأمنُ الأغفارُ في النِّيقِ أنْ … تُصبِحَ موصولًا بها الأحبُلُ (٦)

لو نطقَ الدَّهرُ هجا أهلَهُ … كأنَّه الرُّوميُّ أو دِعْبِلُ (٧)


(١) في لزوم ما لا يلزم ٣/ ١١٥٥: دع، والأبيات فيه.
(٢) في اللزوم: أولى.
(٣) لزوم ما لا يلزم ٣/ ١٢٢٣.
(٤) الأحبُل: نبات اللوبياء.
(٥) الجُنْبُل: القدح الضخم من الخشب.
(٦) الأغفار؛ جمع غُفْر: الذكر من أولاد تيوس الجبل. والنِّيق: أرفع موضع في الجبل.
(٧) الرومي: هو الشاعر العباسي علي بن العباس المعروف بابن الرومي. ودِعبِل: هو ابن علي الخزاعي، وهو معاصرٌ لابن الرومي.