للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على سُكْرٍ وقال له: أين ما وعدْتَنا؟ لا مالًا أثرت ولا قلعةً فتحت. فقال: طمعتُ في فتح القلاع وأخذِ مال أخي منها، فتولَّاها غيري. فقال: كذبتَ، بل أنت عينٌ عليَّ لأخيك. ثم قال للأمير أبي علي بن كاليجار بن بويه: خُذْه فاقتله، فإنه وأخاه قتلا أخاك أبا منصور. فقال له ولده: أخي ها هنا، هو أحقُّ بأخذ الثأر مني. فسلَّمه إلى ابن أخيه فذبحه بسكين أعطاها السلطان له، وسار ألب أرسلان نحو بردشير التي فيها قاروت بك، وأقام نظام الملك محاصرًا لخرشنة، فأقام عليها مدة طويلة، وفضلويه يبعث إليه الفواكه والرياحين كالمتنغِّص له، وأيِسَ نظامُ الملك منه، وعزم على الرحيل عنه، فاتَّفق أنَّ فضلويه أراد الخروج من القلعة ويمضي إلى قلعة أخرى ليجمع أصحابَه وعشيرتَه، ويلزم المضائق على نظام الملك، فخرج في الليل في ثلاثين رجلًا من أصحابه، ورآهم أكثرُ مَنْ كان يحاصر القلعة، فتبعوهم، فجاء فضلويه فاختبأ في مغارة، وأخذ التركُ صاحبًا له فهدَّدوه بالقتل، وظنُّوهم قد نزلوا يأخذون ماءً، فقال: لا تقتلوني، أنا من أصحاب فضلويه، وقضيَّتُنا كذا وكذا، وهو في مغارة، وجاء بهم إليها، فدخلوا عليه، فأخذوه وحملوه إلى نظام الملك، فخاطبه بالجميل، ووعده أن يخاطب السلطان في حقِّه بعد أن يبذل مالًا فتتوقُ النفسُ إلى مثله، فبذل خمس مئة ألف دينار، وراسل مَنْ في القلعة ففُتحت وسُلِّمت بعد أن اشترط حراسة حُرَمِه الذين فيها، وقيَّده نظام الملك، وسار به إلى ألب أرسلان، وهو على حصار بردشير، فأحضر فضلويه وعدَّد عليه ما فعله من الجميل معه، وما عامله به من العصيان والغدر، وأمر بقتله، فقال له: يا سلطان، ما أخرجني من القلعة إلا خِلافي، لأنني لمَّا خدمتُكَ كان الإقبال معي والسعادة تخدُمني، فلمَّا خالفتُكَ ومِلْتُ إلى أخيك صارتِ النُّحوس مرافقي. فحين سمع ذِكْرَ أخيه ضحك وتقدم بفك القيود من رجليه، ثم أدناه إليه وأعطاه قَلنسوةً أمانًا، وقال: قد عفوتُ عنك وعن ذنوبك، فسلِّم [المال] (١) الذي بذلتَه لأُطلِقَك وأستخدِمَك. فقال: سمعًا وطاعة. ثم وصل من قاروت بك كتابٌ إلى أخيه يستعطفه ويرقِّقه ويناشده اللهَ والرَّحِمَ، فرَقَّ له. وبينا السلطان على هذا جاءه بعضُ أصحابه وأخبره أن قاروت قد كتب إلى جماعة ووعدهم، واتفقوا على الفتك بك،


(١) هذه الزيادة من (ف).