للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحُمِلَ إلى هَمَذان مُقيَّدًا؛ خوفًا لا يتمُّ في العسكر بسببه أمر، فلمَّا كان يوم الأربعاء ثالث شعبان قُتِلَ، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

ثم إن العسكر بسطوا ألسنتهم في نظام الملك، ومدُّوا أيديهم إلى الأعمال، فقال للسلطان: قد فسد الأمر، فإمَّا [أن] تُدبِّره أنت أو أنا. فقال: لا، بل أنت من غير أن أعترض (١) عليك. وحلف له، وخلع عليه خِلَع الملك، وأعطاه الخيل بمراكب الذهب، ودَواةً فيها ألف دينار، وعلمًا على رأسه طلعةٌ فيها ألف دينار، ووقع له ببلدة طوس، ولقَّبه أتابك، ومعناه: الأمير الوالد، فشرع في تقرر الأمور، وظهر منه من الشجاعة والشهامة والصبر والمداراة والاحتمال ما لم يظنَّ به، حتَّى إنَّ المرأةَ الضعيفةَ كانت تقف له فيقف لها ويخاطبها، وجاءت امرأةٌ يومًا إلى حاجب له برقعة فلم يرفعها إليه، فقال له: إنما استخدمتُكَ لأجل الشيخ الضعيف، والمرأة الضعيفة اللَّذين لم يصِلا إليَّ، فإذا كنتَ لا توصلُ إليَّ أمرَهما فلا حاجة لي إليك.

وكان إذا خرج العسكر نادى مناديه: من أخذ علاقةَ تبنٍ أو بيضةً بغير ثمنها كان دمُه في مقابلها.

وفي يوم الجمعة مستهلَّ شعبان قتل أسدُ الدولة يلدِكز ناصرُ الدولة ابنَ حمدان وأخوتَه؛ فخر العرب، وتاج المعالي، ومحمود بن ذبيان أمير بني سِنْبس، والأمير شاور ابن أخي ابن المدبر كاتب ابن حمدان، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وفي شعبان خلع السلطان على نظام الملك فَرَجيةً طميم، وعمامة بُنية مُذْهَبة، وأعطاه علمًا، ودَواةً، وعشرين ألف دينار، ومئةَ ثوب ديباج أطلس، وخيمةً كبيرةً، وقلعة من قلاع خراسان مضافًا إلى طوس.

وفيها تُوفِّي

[أحمد بن الحسن]

ابن عبد الودود بن المهتدي بالله، سمع الحديث، وكان فاضلًا صدوقًا ثقة، تُوفِّي ببغداد يوم الأربعاء رابع عشر شوال (٢).


(١) في (خ): أتعرَّض، والمثبت من (ب).
(٢) المنتظم ١٦/ ١٤٧.