للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريبًا منهم وقد أهلك أهل البلد بالحصار- فقال: تعالَ في الليل لنفتحَ لك الباب. فجاء بعسكره، وفتحوا له الباب، فدخل فقبض على فارس الدولة النائب عن بدر وابن أبي الليث القاضي وعمال بدر، فضرب رقابهم، واستولى على أموال بدر وذخائره، وقبض على ابنه وزوجته وابنته، وأحضر أبا يعلى بن الأقساسي وقال: أليس بدرٌ زوَّجني هذه -يعني ابنته- وأنت شاهد عليه؟ قال: بلى. فأحضر القاضي والشهودَ وزوَّجها منه، ودخل بها في ليلته، وأخرج أبا يعلى من عكَّا بعد ذلك؛ لأنه صاحبُ بدر. وقويَ البلدُ، واستفحل أمرُه، وبعث إليه أتْسِز التركي صاحب القدس والرملة، وكان متقدمًا على جميع الترك والناوكية بالشام، فقال: ابعَثْ لي زوجةَ بدر وابنَه ونصفَ ما أخذتَ من المال. فامتنع عليه، وخاطبه بما لم يكن خاطبه به من قبل، وصاهر ابن منزو صاحب دمشق على أخته، وراسل بني كلب، وتقوَّى بهم واستحلفهم، وأخذ رهائنهم، وأعطاهم رهائنه، وكان مسمار أحدُ مُقدَّميهم معه.

وفي هذا الوقت وردت الأخبار أن ملك شاه عبر جَيحون لياخذ بثأر أبيه، وأنه حاصر ترمِذ، وأخذ ولبس خِلْعة الخليفة عليها، وأنه وقعت قطعة من السور وصل إليها النقَّابون وأحرقوها، ودخل العسكر، ونهبوا البلد، وقتلوا خلقًا كثيرًا، وأسروا طغاتكين أخا شمس الملك بن طمغاج خان صاحب بخارى وسمرقند، وأنَّ شمس الملك بعث إلى السطان يلتمس الصلح، فأجابه وصالحه، وعاد السلطان إلى مرو وهو على عزم الوصول إلى بغداد، وأنَّ شمس الملك بعث للسلطان خيلًا وثيابًا وطيبًا وألطافًا، وبعث إليه السلطان أيضًا عِوَضَ هديته، ووصلت كتب السلطان إلى بغداد بذلك، وتُوفِّي بدر بن مهلهل بن أبي الشوك الكردي، وكان في خدمة السلطان على تِرمِذ، فمات بها، ورتَّب نظام الملك ابنه نصر بن بدر مكانه.

وفي جمادى الأولى تُوفِّي محمود بن الزَّوقلية صاحب حلب، ورتَّبها لولده نصر مكانه.

وفي جمادى الآخرة ورد عميد الدولة إلى العراق، وهو كان السبب في صلح ملكشاه، وصلح شمس الملك صاحب ما وراء النهر، وكان ملكشاه يقول: لولا عميد الدولة [ما صالحتُه حتى أنزل على سمرقند، وكان عميد الدولة] (١) عاقلًا مدبرًا، ولمَّا


(١) ما بين حاصرتين هنا وفي الموضع الآتي من (ب).