للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر بيعته:

جلس بعد وفاة جدِّه (١) يوم الجمعة ثالث شعبان في دار الشجرة وعليه قميص أبيض وعمامة بيضاء لطيفة وطرحة قصب دُرِّية، ودخل الوزير فخر الدولة وعميد الدولة ومؤيد الملك بن نظام الملك، والنقيبان طرَّاد والعلوي وقاضي القضاة الدامغاني ودُبيس وأبو طالب الزينبي وابن جردة ووجوه الأشراف والعدول والأعيان وأبو إسحاق الشيرازي وابن الصباغ وأبو محمد التميمي، وأول من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى مُقدَّم الحنابلة.

قال أبو جعفر: لمَّا بايعتُه أنشدتُه: [من الطويل]

إذا سيِّدٌ منا مضى قام سيِّدٌ (٢)

ثم أُرتِجَ عليَّ، فقال المقتدي:

قَؤولٌ بما قال الرِّجالُ فعولُ

وكان الشريف قد بايعه قبل هذا عند غسل القائم، ولُقب بالمقتدي بأمر الله، وعمره يومئذ تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وأيام، وكان من رجالات بني العباس، له همة عالية، وشجاعة وهيبة، وكان حسن الهيئة والوجه، ضخم الجسم.

وفي شعبان أمر الوزير فخر الدولة المحتسب بنفي المفسدات من حريم دار الخلافة، وبيعِ دورهِنَّ، ومنع الناس أن يدخلوا الحمامات بغير مَيازِر، وأخرب أبراج الحمام والهوادي (٣)، ومنع من اللعب بالطيور لأجل الاطلاع على الناس، ومنع الحمَّامين من إجراء ماءِ الحمَّامات إلى دجلة، وأمرهم بحفر آبار يجتمع فيها الماء، ونهى الملَّاحين أن يحملوا الرجال والنساء في السفن مجتمعين (٤).

وفي شعبان ورد الخبر بقتل ملكشاه عقَتَه كوهر خاتون، وكانت زوجة أريسغي التركي، وكانت قد انصرفت من العسكر قاصدةً أذريبجان النازوكية المترددين إلى بلاد


(١) في (خ): أبيه، والمثبت من (ب).
(٢) البيت للسموأل وهو في ديوانه ص ٩١.
(٣) في (خ) الجرادي، والمثبت من المنتظم، والهوادي من الطير: هي التي تطلب وكرها من مسافات بعيدة وتحمل البطائق والأخبار. ينظر نهاية الأرب في فنون الأدب ٣/ ١٣٦.
(٤) الخبر بطوله وبنحوه في المنتظم ١٦/ ١٦٤ - ١٦٦.