للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أواخر ذي الحجة ورد عميد الدولة ابنُ جَهير من عند ملكشاه، وقد أخذ البيعةَ للمقتدي على السلطان ونظام الملك والحاشية والعسكر عن غير صفاء من نظام الملك ولا تحقيق، بل مغالطة، ودفع لما في قلبه من الوزير فخر الدولة ابن جَهير مما نقل إليه أعداؤه.

وفيها تُوفِّي

الحسن بن عبد الودود (١)

ابن عبد المتكبِّر بن المهتدي، أبو علي، الهاشمي، ولد سنة ثمانين وثلاث مئة، وسمع الحديث الكثير، وقُبِلَتْ شهادتُه عند القضاة، وتُوفِّي في ربيع الآخر، ودُفن عند جامع المنصور، وكان سيدًا صدوقًا.

القائم بأمر الله، أميُر المؤمنين (٢)

واسمه عبد الله بن أحمد، القادر، وكنيته أبو جعفر، وأمه قطر الندى، أم ولد، رومية، أدركت خلافته، وماتت في سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.

ولد القائم يوم الخميس سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، وولي الأمرَ بعد أبيه وعمره إحدى وثلاثون سنة، في ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.

وكان جميلًا، مليحَ الوجه، أبيضَ اللون، مُشربًا حمرة، أبيضَ الرأس واللحية، متدينًا، ورعًا، زاهدًا، عالمًا، في وجهه أثر صفار من قيام الليل، وكان يسرد الصوم، وكان قليل الجماع؛ فلهذا قَلَّ نسلُه، وكان سبب تركه للجماع أنه جامع ليلة جاريةً له وبين يديه تسعة، فرأى صورتَه على الحائط صورةً شنيعةً، فقام عنها وقال: لا عُدتُ إلى مثلها. وامتنع بعدما رجع من الحديثة عن أكل الطيبات، واقتصر وقتَ إفطاره على ثردة، فضعُف، فعمدت جاريةٌ له فصنعت له ثردةً في مرقة دجاجة، فلمَّا رآها قال لها: لا تعودي إلى مثلها.

وكان يحبُّ الصالحين ويبرُّهم ويزورهم في الليل، وكان كثير الصدقات، وافر الإحسان.


(١) المنتظم ١٦/ ١٦٧ - ١٦٨ وتحرف "الحسين" في (ب) إلى: الحسن.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٠٧.