للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هيَّاج بن عُبيد (١)

ابن الحسين بن محمد، الحِطِّيني، وحطِّين: قرية غربي طبرية، ويقال: إن قبر شعيب ﵇ بها، وبنْتِه صفورا زوجة موسى ﵇.

سمع هيَّاج الحديث وتفقَّه، وجاور بمكة، وصار فقيهَ الحرم ومفتيَ أهل مكة، وكان زاهدًا، عابدًا، ورعًا، مجتهدًا في العبادة، يصوم يومًا ويفطر يومًا، ويأكل في كلِّ ثلاثة أيام مرة، ويعتمر في كلِّ يوم ثلاث مرات على قدميه، وأقام بالحرم أربعين سنة لم يُحدِثْ فيه، وكان يخرج إلى الحِلِّ فيقضي حاجتَه، وما لبس نعلًا في الحرم قطُّ، وكان يزور النبي ﷺ في كل سنة ماشيًا، ويزور ابنَ عباس ﵁ في الطائف في كلِّ سنة مرة، يأكل أكلةً بالطائف وأخرى بمكة، وما كان يدَّخر شيئًا، ولم يكن له غيرُ ثوب واحد، وفيه يقول الشاعر: [من الوافر]

أقولُ لمكَّةَ ابتهجي وتيهي … على الدنيا بهيَّاج الفقيهِ

إمامٌ طلَّق الدنيا ثلاثًا … فلا طمَعٌ لها من بَعْدُ فيهِ

وكان السبب في وفاته وقوع فتنة بين السنة والشيعة بمكة، فشكا بعضُ الشيعة إلى محمد بن أبي هاشم أميرها، وقال: إن السنة يستطيلون علينا بهياج، فأخذه وضربه ضربًا عظيمًا على كِبَر سنِّه، فبقي أيامًا ومات، وقد نيَّف على ثمانين سنة، ودُفِنَ إلى جانب الفضيل بن عياض رحمة الله عليه.

[السنة الثالثة والسبعون والأربع مئة]

فيها كان ملك شاه قد قصد كرمان في السنة الماضية لقتال سلطان شاه بن قاروت بك، فلمَّا وصل إليه رأى أن يطيعه، فخرج إلى خدمته مستأمنًا من القلعة، وقبَّلَ الأرض بين يديه، فقام السلطان قائمًا وأجلسه إلى جانبه، وتحالفا، وزوَّجه ابنتَه، وعاد السلطان إلى أصبهان.


(١) المنتظم ١٦/ ٢٠٩ - ٢١٠، والأنساب ٤/ ١٧٠. وتنظر بقية مصادر الترجمة في السير ١٨/ ٣٩٣.