للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رمضان أخرج الخليفةُ أَبا محمَّد التَّمِيمِيّ إِلَى ميَّافارقين يُحضر عميدَ الدولة ابنَ جهير ليولِّيه الوزارة، وسببه ميل نظام الملك إليه، وكونه صهره على ابنته.

وفي رمضان دخل السلطان بغداد ومعه نظام الملك، فخرج إِلَى لقائه ابنُ الموصلايا والموكب، ثم سار السلطان إِلَى زيارة المشهدين الحائر ومشهد الكوفة، ومعه ولده وولد ابنته من الخليفة.

وفي ذي القعدة قدم عميد الدولة بغداد ومعه الأعيان؛ القاضي أبو القاسم بن نُباتة، وولده أبو الحسن، والقاضي أبو بكر بن صدقة، وغيرهم. ويقال: إن عميد الدولة والجماعة قصدوا أَصبهان وقدموا بغداد مع السلطان، واستناب عميد الدولة أخاه الكافي، وكان أصغر إخوته بميَّافارقين، وخلع الخليفةُ على عميد الدولة خِلَع الوزارة وهذه هي النوبة الثَّانية [من] (١) وزارته، وركب إليه نظام الملك إِلَى داره بباب العامة فهنأه.

وفي ذي الحجَّة عَمِلَ السلطان السَّذَقَ (٢) بدجلة، وهو إشعال النيران والشموع العظيمة فِي السفن والزواريق الكبار، وعلى كل زورق قبة عظيمة، وبات أهل بغداد على جانب دجلة من كل ناحية، وحملوا الملاهي فِي السفن، ولم يبقَ ببغداد من حاشية السلطان وغيرهم إلَّا من حمل الشمع والمشاعل، وكانت ليلةً عظيمة، وعلى السطوح أَيضًا، وأكثرَ الشعراءُ فِي ذلك، فقال أبو القاسم المُطرِّز: [من البسيط]

وكلُّ (٣) نارٍ على العُشَّاقِ مُضْرَمةٌ … من نارِ قلبي أو من ليلةِ السَّذَقِ

نارٌ تجلَّتْ بها الظَّلماءُ واشتبَهَتْ … بسُدْفةِ الليلِ فيها غُرَّةً الفلَقِ

وزارتِ الشمسُ فيها البدرَ واصطلحا … على الكواكبِ بعد الغَيظِ والحَنَقِ

مُدَّتْ على الأرضِ بُسْطٌ من جواهِرِها … ما بينَ مجتمِعٍ وارٍ ومُفترِقِ

مثلِ المصابيح إلَّا أنَّها نزلَتْ … من السماءِ بلا رجْمٍ ولا حَرَقِ


(١) ما بين حاصرتين من المنتظم ١٦/ ٢٩٤.
(٢) وقع فِي الأصلين (خ) و (ب): الصدق، والصواب ما أثبتُّه، والسَّذَق: كلمة فارسية معرَّبة، وقد ذكر المصنف معناها. ينظر اللسان (سذق).
(٣) فِي (خ): وكأن، والمثبت من (ب)، والمنتظم ١٦/ ٢٩٤ - والخبر فيه-، وتاريخ الإِسلام ١٠/ ٤٧٥ وغيرهما من المصادر.