للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها حاصر تُتُش طرابلس ومعه آق سنقر بُزان، وبها جلال الملك ابن عمار، فاحتجَّ عليه بأنَّ معه منشور السلطان بإقراره على البلد، فلم يقبل منه تُتُش، ونصب عليه المجانيق، وتوقَّف آق سنقر عن قتاله، فقال له تُتُش: أنتَ تبَعٌ لي فكيف تخالفني؟ فقال: أنا تبَعٌ لك إلَّا فِي عصيان السلطان، وهذا من أصحابه. فغضب تاج الدولة ورجع إِلَى دمشق، ومضى آق سنقر إِلَى حلب، وبُزان إِلَى الرُّها.

وفيها بعث السلطان سعد الدولة الكوهراني إِلَى اليمن، فاستولى على البلاد السهلية والساحلية دون القلاع، وخطب للسلطان بها، فاستقام له معظم الدنيا إلَّا مصر والمغرب، وكان فِي عزمه أن يسير إِلَى مصر بنفسه، فجاءه ما لم يكن فِي حسبانه.

وفيها ملك يوسف بن تاشفين الأندلس ونفى ابن عباد عنها، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

وفيها تُوفِّي

عبد الرحمن بن أَحْمد بن علَّك (١)

أبو طاهر، الأَصْبهانِيّ، ولد بأصبهان، وسمع الحديث، وسافر إِلَى سمرقند فتفقَّه بها. وقيل: إنه كان السبب فِي فتحها، وكان من رؤساء الشافعية، كثيرَ المال، واسع الحال، يُقرض الأمراء من خمسين أَلْف دينار فما زاد، وكان عظيمَ الجاه، قدم مع السلطان إِلَى بغداد فتوفِّي، فمشى تاج الملك وحاشية السلطان إِلَى قبره بين يدي جنازته من النظامية إِلَى باب أبْرز، وجاء السلطان عشية ذلك اليوم إِلَى قبره وصلَّى عليه، وجاء نطام الملك فجلس عند قبره وهو يُدفَن، فقال: لا إله إلَّا الله، دُفِنَ فِي هذا المكان أزهدُ النَّاس فِي الدنيا وأرغبُهم فيها، يشير إِلَى أبي إسحاق الشيرازي، فإنَّه الزَّاهد، وإلى ابن علَّك، فإنَّه الراغب.

وكان قد مشى جميع الدولة فِي جنازته إلَّا نظام الملك وحده، فإنَّه ركب واعتذر بعلوِّ السن.


(١) المنتظم ١٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦، والكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٠٠، تحرف فِي الأصلين (خ) إِلَى: عليك، وفي (ب) إِلَى غلبك، والتصويب من المصدرين المذكورين، وتاريخ الإِسلام ١٠/ ٥٣٢ وغيرها من المصادر.