للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبُه حصن الدولة بختيار شحنة دمشق ليلتقيه، وقد كان تُتُش رشَّح طُغْتِكين فِي حداثة سنِّه لحجبته، واستنابه فِي عسكره، وفوَّض إليه أموره أيام غيبته، فأحسن السيرة، وأنصف الرعية، فعَلَتْ منزلتُه، وولَّاه ميَّافارقين وهي أول ولايته، وسلَّم إليه ولدَه دُقاق، واعتمد عليه فِي تربيته، فدبَّر أمر ميَّافارقين، وأنكى فِي جماعة عُرِفَ منهم خيانةٌ ومخامرةٌ، فاستقامت أحوالُها، وسار مع تُتُش إِلَى لقاء بركياروق، وشهد الواقعة، وأسر واعتقل، ثم خلص، فسار إِلَى دمشق فِي هذه السنة، فتلقَّاه دُقاق فِي العسكر وأرباب الدولة، وبالغَ فِي إكرامه، وردَّ إليه النظر فِي الإسفهسلارية على حالة، واتُّهم ساوتِكين برضوان فقُتِل، وتزوَّج طُغْتِكين بخاتون أم دُقاق، وأحسن السيرة، وكانَ رضوان يحبُّ دمشق ولا يختار غيرَها، فجمع واستنجد بِسُكْمان بن أُرْتُق، وبرز طالبًا دمشق، وقد كان دُقاق غاب عنها فِي هذا الوقت مع يغي شعبان (١) وإيل غازي بن أُرْتُق، ووصل رضوان بعسكره، ونزل ظاهر دمشق. وقيل: كان ذلك سنة تسع وثمانين، وكان بدمشق وزير دُقاق زين الدولة محمَّد بن الوزير أبو القاسم، ونفرٌ قليل من العسكر، وانضاف إليهم جماعةٌ من الأحداث، وأغلقوا الأبواب، وصَعِدوا على الأسوار، ورشقوهم بالنُّشَّاب، فرجعوا إليهم من سوق الغنم وباب الجابية والباب الصغير، فأراد أهلُ البلد الخووجَ إليهم ودفْعَهم، فمنعهم بختيار شحنة البلد وأمين الدولة محمَّد بن الصوفي رئيس البلد، وقاتلوهم على الأسوار، ومنعوهم الوصول إليها.

وجاء حاجبَ رضوان حجرُ المنجنيق وهو قائمٌ يُحرِّض على القتال فقتلَه، وسكنت الحرب، واشتغلوا به، وعادوا إِلَى خيامهم ولم يتمَّ لهم أمر، وبلغهم أنَّ دُقاق قد عاد بالعسكر، فرحلوا (٢) وطلبوا مرج الصفر ليقصدوا القدس، ووصل دُقاق إِلَى دمشق، وسار رضوان طالبًا ناحية حلب.


(١) هكذا وقع اسمه فِي الأصليين (خ) و (ب): شعبان، وفي الروضتين ١/ ٨٧ و ١٠١، وبغية الطلب ١/ ٤٨١ و ٤/ ١٩٥٦ و ٥/ ٢٤١٣ و ٧/ ٣٣٥٤: سغان، وفي الكامل ١٠/ ٢٤٧، وتاريخ الإِسلام ١٠/ ٤٨٣، والنجوم الزاهرة ٥/ ١٤٧، والعبر ٣٣٢، وبغية الطلب ١/ ٨٧: سيان، وفي السير ٩/ ٤٠١: بسان.
(٢) فِي (خ): فدخلوا، والمثبت من (ب).