للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت وفاتُه ليلة الثلاثاء خامس عشر جمادى الأولى، وصلَّى عليه ابنُه أبو الفضل عبد الواحد، ودُفِنَ فِي داره بباب المراتب بإذن الخليفة، ولم يُدْفَن بها أحدٌ قبله، ثم تُوفِّي ابنُه أبو الفضل سنة إحدى وتسعين وأربع مئة، فنُقِلَ معه ولدُه إِلَى مقبرة باب حرب فدُفنَ إِلَى جانب أَبيه وجده وعمه بدُكَّة الإِمام أَحْمد رحمة الله عليه عن يمينه. سمع خلقًا كثيرًا، وروى عنه ابنُ ناصر وطبقتُه، وأجمعوا على فضله وصدقه وثقته ورياسته.

وقال علي بن عقيل: كان التميميُّ سيدَ الجماعة من أصحاب الإِمام أَحْمد يُمنًا ورياسةً وحشمةً، وكان أحلى النَّاس عبارةً فِي النظر، وأجرأهم فِي الفُتيا، وأحسنَهم وعظًا.

عبد السلام بن محمَّد (١)

ابن يوسف بن بُندار، أبو يوسف، القَزويني، شيخ المعتزلة فِي زمانه، ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وقرأ القرآن، سمع الحديث، وقرأ الكلام على عبد الجبار الهَمَذاني، وفسَّر القرآن فِي سبع مئة مجلدة -وقيل: فِي ثلاث مئة. وقيل: فِي أربع مئة- والكتاب وقفٌ فِي مشهد (٢) أبي حنيفة، وقال: من قرأه عليَّ وهبتُه له، فلم يقرأه عليه أحد.

ورحل إِلَى مصر، فأقام بها أربعين سنة، وحصل أحمالًا من الكتب، وحملها إِلَى بغداد، وكان محترمًا، إذا دخل على قاضي القضاة الدامَغاني قام له وأجلسه إِلَى جانبه، وكان ظريفًا، حسنَ العشرة، سمحًا، وكان يخالط بني جَهير، فلما أُخرجوا من بغداد اتُّهم بأنَّ لهم عنده ودائعَ، فوكل به بعض الأتراك، فقيل له: ادْعُ الله. فقال: ما لله فِي هذا شيء هذا فِعْلُ الظَّلَمة.

ودخل على نظام الملك وعنده أبو محمَّد التَّمِيمِيّ ورجل آخر أشعري، فقال له: أيها الصدر، قد اجتمع عندك رؤوس أهل النَّار. قال: وكيف؟ قال: أنا معتزلي وهذا مُشبِّهي -يعني التَّمِيمِيّ- وذاك أشعري، وبعضُنا يكفِّر بعضًا. فضحك النظام وقال:


(١) المنتظم ١٧/ ٢١، وتاريخ دمشق ٢٦/ ٢١٨ - ٢٢٠.
(٢) فِي (ب): مسجد، والمثبت موافق لما فِي النجوم الزاهرة ٥/ ١٥٦.