للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما مضى كنتَ بالأعيادِ مسرورًا … أسرَّكَ العيدُ في أغماتَ مأسورا

قد كانَ دهرُكَ إن تأمُرْه ممتثلًا … فردَّكَ الدَّهرُ منهيًّا ومأمورا

مَنْ باتَ بعدَكَ في ملكٍ يُسَرُّ بهِ … فإنَّما باتَ بالأحلامِ مغرورا

أرى بناتي في أغماتَ من عدمٍ … يغزِلْنَ للناس لا يملِكْنَ قِطْميرا

يَمْشينَ في الأرضِ والأقدامُ حافيةٌ … وطال ما وطِئَتْ مسكًا وكافورا

وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثمان وثمانين، أقام في الأسر أربع سنين، ورثاه ابن اللَبَّانة (١) فقال: [من البسيط]

لكلِّ شيءٍ من الأشياء ميقاتُ … وللمنى من مناياهنَّ غاياتُ

والدَّهرُ في صبغة الحرباءِ مُنْغمِسٌ … ألوانُ حالاتهِ فيها استحالاتُ

ونحنُ من لُعَبِ الشطرنجِ في يدِهِ … ورُبما قُمِرَتْ بالبيدقِ الشاةُ

انفُضْ يديكَ من الدُّنيا وساكِنِها … فالأرضُ قد أقفرَتْ والناسُ قد ماتوا

وقُلْ لعالمها الأرضيِّ قد كُتِمَتْ … سريرةُ العالمِ العلويِّ أغماتُ

طوَتْ مظلَّتُها لا بَلْ مذَّلتُها … من لم يَزلْ فوقَهُ للعزِّ راياتُ

مَنْ كان بين النَّدى والبأس أنصلُهُ … هندية وعطاياه هنيداتُ

وكان مثلَ عيانِ العينِ تُبصِرهُ … وللأمانيِّ في مرآه مرآةُ

رماه مِنْ حيثُ لم تستُرْهُ سابِغةٌ … دهرٌ مصيباتُهُ نيلٌ مصيباتُ

وبدرُ سبعٍ وسبعٌ تستنيرُ بهِ … السبعُ الأقاليمُ والسبعُ السماواتُ

له وإن كانَ أخفاهُ السَّرارُ سنًّا … مثلُ الصباحِ به تُجلى الدجنَّاتُ

لهفي على آلِ عبَّادٍ فإنهمُ … أهِلَّةٌ ما لها في الأُفْقِ هالاتُ

فُجِعْتُ منهم بإخوانٍ ذوي ثقةٍ … فاتوا وللدهرِ في الإخوانِ آفاتُ

واعتضْتُ في آخرِ الصحراءِ طائفةً … لغاتُهُمْ في جميعِ الكُتْبِ مُلغاةُ

بمغرب العُدْوةِ القُصوى دُجًى أملي … فهَلْ لهُ بديار الشرقِ مِشْكاةُ

ذكر أولاده

كان له أولاد، منهم: يزيد، يُلقَّب بالراضي، وكان فاضلًا، ومن شعره يذمُّ الدنيا: [من المتقارب]


(١) هو محمد بن عيسى أبو بكر الداني المعروف بابن اللَّبانة. السير ١٩/ ٣٧٣.