للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر شرح ذلك:

كان خروجهم أولًا إلى بلد أنطاكية فلم ينازلوها، وجاؤوا إلى المعرة، فنصبوا عليها السلالم (١)، ونزلوا فقتلوا من أهلها مئة ألف إنسان، وسبوا مثلَ ذلك، ثم دخلوا كفر طاب، وفعلوا مثلَ ذلك، وعادوا إلى أنطاكية، وكان بها الأمير يغي شعبان، وكان على الفرنج صنجيل، فحاصروها مدةً، فنافق رجل يُقال له: فيروز، وفتح لهم في الليل شباكًا فدخلوا منه، ووضعوا السيف، وهرب يغي شعبان وترك أهله وأمواله وأولاده بها، فلما بعُدَ عن البلد ندم على ذلك، فنزل عن فرسه، فحثا التراب على رأسه وبكى ولطم، وتفرَّق عنه أصحابُه، وبقي وحده، فمرَّ به رجلٌ أرمنيٌّ حطَّاب، فعرفه، فقتله وحمله معه -بعد أن قطع رأسه- إلى صَنْجيل.

وقال أبو يعلى بن القلانسي: في جمادى الأولى ورد الخبر بأن قومًا من أهل أنطاكية عملوا عليها، وواطؤوا الفرنج على تسليمها إليهم لإساءةٍ تقدَّمت منه في حقِّهم ومصادرته لهم، ووجدوا الفرصة (٢) في برج من أبراج البلد ممَّا يلي الجبل، فباعوهم إياه، وأصعدوهم منه في السحر، وصاحوا، وانهزم يغي شعبان، وخرج في خلق عظيم، فلم يسلَمْ منهم شخص، فسقط من فرسه عند معرة مِصْرين، فحمله بعضُ أصحابه وأركبه، فلم يثبُتْ على ظهر الفرس، وسقط ثانيًا فمات.

وأما أنطاكية فقتل منها وسبي من الرجال والنساء والأطفال ما لا يُدركه حصر، وهرب إلى القلعة قَدْرُ ثلاثة آلاف تحصَّنوا بها، وكان افتتاح المعرة في ذي الحجة بعد فتح أنطاكية.

وفيها اجتمع ملوك الإسلام بالشام؛ رضوان صاحب حلب، وأخوه دُقاق، وطُغْتِكين، وكربوقا (٣) صاحب الموصل، وسُكْمان بن أُرْتُق صاحب ماردين، وأرسلان صاحب سنجار، فنازلوا أنطاكية، وضيَّقوا على الفرنج، حتَّى أكلوا ورق الشجر، وكان صنجيل مقدَّم الفرنج فيه دهاء ومكر، فرتب مع راهبٍ لهم حيلة، وقال:


(١) في (خ): الخيام، والمثبت من (ب)، وتاريخ الإسلام ١٠/ ٦٦٦.
(٢) في (خ): الفرج، والمثبت من (ب).
(٣) تقدمت الإشارة إلى أن اسمه: كربوقا، لكنه تحرف في الأصلين (خ) و (ب) إلى: كربوعا.